
في لحظة روحانية مميزة، يترقب المغاربة مساء اليوم الخميس حدثًا دينيًا بارزًا، حيث أعلن بلاغ وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة أن أمير المؤمنين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، سيترأس حفل إحياء ليلة المولد النبوي الشريف بمسجد حسان في قلب العاصمة الرباط. هذا الموعد الذي يوافق الحادي عشر من ربيع الأول 1447 هـ، ابتداءً من الساعة السابعة مساءً، يأتي ليجدد التأكيد على مكانة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في وجدان المغاربة، ويعكس العناية الملكية المتواصلة بإحياء المناسبات الدينية العظيمة التي تشكل جزءًا أصيلًا من الهوية الوطنية.
وبينما تنبض الرباط بأجواء روحانية، تتجه الأنظار إلى الجانب الاقتصادي، حيث كشف مكتب الصرف عن تحقيق رقم قياسي جديد في تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، التي بلغت 119 مليار درهم خلال سنة 2024، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 3,3% مقارنة بالسنة الماضية. ويعكس هذا الإنجاز المتواصل الأهمية المتزايدة لهذه التحويلات في دعم الاقتصاد الوطني، إذ ساهمت في تقوية احتياطيات العملة الصعبة وساعدت في الحفاظ على التوازنات المالية، بعدما حققت معدل نمو سنوي متوسط بلغ 5,7% خلال الفترة ما بين 2021 و2024.
وفي سياق متصل بالجانب الاجتماعي، برزت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بتعهد رسمي يقضي باستيعاب جميع خريجي المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة قبل مطلع السنة المقبلة. هذا القرار جاء عقب لقاء جمع مدير الموارد البشرية بالوزارة مع ممثلين عن النقابات والخريجين، حيث أكدت السلطات الصحية أن تعزيز التوظيف في مختلف التخصصات أولوية وطنية لسد الخصاص الحاصل وضمان تحسين جودة الخدمات الصحية وتخفيف الضغط المتزايد على المستشفيات العمومية.
أما على مستوى التعاون الدولي، فقد حجز المغرب مكانًا ضمن قائمة 87 دولة مرشحة للاستفادة من دعم مالي برسم سنة 2026، وفق تقرير جديد لوكالة تحدي الألفية الأمريكية. هذا الإدراج يؤكد اعتراف المجتمع الدولي بجهود المملكة في إنجاز إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة خلال العقدين الأخيرين، كما يعزز موقعها كحليف استراتيجي موثوق داخل محيط إقليمي يعرف تحديات متنامية.
وفي ملف تدبير الموارد المائية، شدد وزير التجهيز والماء نزار بركة على أن تحسين مردودية شبكات توزيع المياه يمثل أولوية قصوى، تنفيذًا للتوجيهات الملكية السامية. وأوضح الوزير أن هذه الاستراتيجية تأتي في إطار المخطط الوطني للماء والبرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، حيث تم تخصيص ميزانيات مهمة لدعم هذا المشروع الاستراتيجي، مع إدخال تعديلات جوهرية لمواجهة تداعيات ندرة الموارد المائية التي باتت تشكل تحديًا حقيقيًا للأمن المائي بالمملكة.
وعلى صعيد آخر، عاد الجدل من جديد حول ولوج مسالك الماستر بعد أن قررت بعض الجامعات تنظيم مباريات انتقائية، وهو ما أثار حفيظة عدد كبير من الطلبة الذين دعوا إلى اعتماد نظام الانتقاء المبني على النقط فقط، وفق ما ينص عليه دفتر الضوابط البيداغوجية الوطنية. وبينما يعتبر الطلبة أن هذه المباريات تمثل إخلالًا بمبدأ تكافؤ الفرص، تواصل وزارة التعليم دراسة هذا الملف الشائك بهدف الوصول إلى صيغة توافقية تحفظ حقوق جميع الأطراف.
أما في ميدان العلاقات الخارجية، فقد شهدت الأقاليم الجنوبية حركية دبلوماسية لافتة مع زيارة وفد برلماني كيني إلى مدينة الداخلة. الزيارة، التي تندرج في إطار دعم نيروبي المتزايد لمقترح المغرب بشأن الحكم الذاتي، شملت لقاءات مع مسؤولين محليين للاطلاع عن قرب على مشاريع التنمية في المنطقة، حيث وصفت كينيا المقاربة المغربية بأنها “الحل المستدام والوحيد” لقضية الصحراء، مؤكدة في الوقت ذاته على أهمية الشراكة مع الرباط لتعزيز الاستقرار الإقليمي.
وفي ميدان السلامة الطرقية، سجلت المديرية العامة للأمن الوطني خلال الأسبوع الأخير من غشت 2017 حادثة سير داخل المناطق الحضرية، خلفت 24 وفاة و2813 جريحًا، من بينهم 123 إصابتهم بليغة. وقد أسفرت حملات المراقبة عن تسجيل 45 ألفًا و775 مخالفة مرورية وإنجاز 6144 محضرًا أحيلت على النيابة العامة، بينما بلغت الغرامات المستخلصة 8,6 ملايين درهم، في إطار جهود متواصلة للحد من حوادث السير وحماية الأرواح.
وفي إطار التعاون الدولي في قطاع الطاقة، أشادت دومينيك استروسي ساسون، رئيسة لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس الشيوخ الفرنسي، بالدينامية الكبيرة التي يشهدها المغرب في مجال الطاقات المتجددة. وخلال لقائها مع وزير الصناعة والتجارة رياض مزور ونائب رئيس مجلس المستشارين أحمد اخشيشن، ناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون في مجالات الصناعة والطاقة، إلى جانب صناعة السيارات والطيران والنسيج، بما يدعم مكانة المملكة كمركز إقليمي رائد في مجال الابتكار الطاقي.
ومن جانب آخر، حذر عدد من المصدرين المغاربة من التحديات المقبلة مع دخول ضريبة الكربون حيز التنفيذ بداية من يناير المقبل، بالتوازي مع تطبيق آلية تعديل الكربون على حدود الاتحاد الأوروبي. ويراهن الفاعلون الاقتصاديون على مشروع قانون المالية لسنة 2026 لتقديم حوافز جديدة تضمن الحفاظ على تنافسية المقاولات الوطنية وصمودها أمام التحولات البيئية المرتقبة.
وفي سياق موازٍ، أعلنت الحكومة عن استئناف جولات الحوار الاجتماعي خلال شتنبر الجاري، حيث وجهت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح دعوة إلى المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية لحضور الاجتماع الأول للجنة التقنية المقرر في 18 شتنبر. وسيتم خلال هذا اللقاء تقديم تشخيص دقيق للوضعية المالية والديموغرافية للصناديق الاجتماعية، مع تحديد منهجية عمل اللجنة ووضع تصور شامل لإصلاح أنظمة التقاعد.
أما على مستوى المكانة الاستراتيجية، فقد احتل المغرب المرتبة الخامسة إفريقيًا وفق دراسة صادرة عن موقع “أفريكان إكسبونات”، الذي أبرز أهمية موقع المملكة كحلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا، خصوصًا بفضل موقعها المتميز على مضيق جبل طارق، ما جعلها مركزًا مؤثرًا في حركة التجارة الدولية، لاسيما على مستوى المبادلات الأورومتوسطية والعابرة للأطلسي.
ومن العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، أعلنت الجماعة الحضرية عن إطلاق جيل جديد من المراحيض العمومية المجانية، بعد نجاح مرحلة تجريبية شملت أحياء مختلفة بالمدينة. ويأتي هذا المشروع في إطار رؤية شاملة لتحسين الخدمات العمومية وتعزيز جاذبية الفضاءات الحضرية، مع اعتماد تجهيزات حديثة ومعايير جودة عالية تواكب مكانة الدار البيضاء كمدينة كبرى ذات إشعاع اقتصادي.
ونختتم من لندن، حيث أكد هاميش فالكونر، نائب كاتب الدولة المكلف بالشؤون البرلمانية في وزارة الخارجية البريطانية، أن الحوار الاستراتيجي بين المغرب والمملكة المتحدة، الذي انعقد في يونيو الماضي بالرباط، شكل “تحولًا مهمًا” في مسار العلاقات الثنائية. اللقاء أسفر عن توقيع اتفاقيات تعاون جديدة في مجالات التعليم والصحة والبنيات التحتية والتجارة، بما يعزز مكانة المملكة كشريك رئيسي لبريطانيا في المنطقة.



