Hot eventsأخبارأخبار سريعةقضاء وقانون

تفويت الأراضي السلالية… فضيحة تهز القنيطرة وتكشف شبكات الفساد العقاري


تعود قضية الأراضي السلالية إلى واجهة الجدل الوطني من جديد،بعد تفجر فضيحة كبرى بإقليم القنيطرة وجهة الغرب عموما حيث كشفت معطيات متطابقة عن تورط منتخبين وسياسيين ومقاولين نافذين في الاستحواذ على مئات الهكتارات من العقار الجماعي بطرق مشبوهة استعملت فيها وثائق وعقود مزورة مؤرخة بسنوات سابقة على القوانين الجديدة المنظمة لهذا القطاع.

تفويت بطرق ملتوية وتواريخ مزورة



خلال السنوات العشر الأخيرة انتعشت ظاهرة التلاعب في الأراضي السلالية بشكل مثير للقلق،خاصة في أقاليم القنيطرة وسيدي سليمان والخميسات.وفي السنة الجارية فقط تفجرت ملفات تتعلق باستعمال وثائق إدارية مزورة لتفويت عشرات الهكتارات.
مصادر متطابقة أكدت أن مقاولا شهيرا بمدينة طنجة تمكن قبل سنتين من الحصول على 600 هكتار بضواحي القنيطرة بزعم استثمارها في زراعة الأفوكا،وسط مساطر إدارية غير مكتملة،فيما استفاد برلماني بارز وقيادي حزبي من مساحات أخرى في شراكة غامضة مع مسؤول سابق بوزارة الداخلية.

شبكات منظمة تتلاعب بالقانون

عمليات التفويت المشبوهة لا تتم بشكل فردي،بل تقف وراءها شبكات منظمة تعمد إلى تسجيل عقود مزورة بتواريخ قديمة تعود إلى ما قبل 2020 وهو التاريخ الذي شهد دخول إصلاحات قانونية تمنع أي تفويت خارج المساطر القانونية.
وتتم هذه الممارسات عبر استغلال ثغرات في مصالح تصحيح الإمضاءات ببعض الجماعات،مع تسجيل العقود في سجلات رسمية تتضمن خانات فارغة من سنوات سابقة.كل ذلك يتم بتواطؤ منتخبين محليين ونواب للجماعات السلالية وبعض رجال السلطة،ما يجعل الأمر يتجاوز “الخروقات الفردية” إلى جريمة عقارية منظمة.

تحركات قضائية وإدارية لوقف النزيف

إزاء خطورة الوضع،أحالت مديرية الشؤون القروية بوزارة الداخلية عددا من الملفات على النيابة العامة،فيما فتحت المفتشية العامة لوزارة العدل تحقيقات موسعة في توثيق العقود غير القانونية.وأكدت تقارير رسمية أن حجم التفويتات غير القانونية يتجاوز حالات معزولة،ليشمل آلاف الهكتارات ما يهدد الأمن العقاري ويمس بثقة المواطنين في المؤسسات.

الأراضي السلالية… ثروة عقارية واستهداف ممنهج

تبلغ المساحات المملوكة للجماعات السلالية أكثر من 15 مليون هكتار على المستوى الوطني،وتخضع لوصاية وزارة الداخلية باعتبارها ملكا جماعيا لا يجوز تفويته إلا في ظروف استثنائية ووفق شروط صارمة.ورغم الإصلاحات التي شهدها الملف منذ 2019،فإن الواقع يكشف استمرار ممارسات غير قانونية تتغذى من تحالف مصالح بين لوبيات عقارية وشخصيات نافذة.

انعكاسات اجتماعية وتنموية خطيرة

الأراضي السلالية ليست مجرد عقارات،بل هي مصدر عيش لآلاف الأسر الفقيرة بالعالم القروي. والتفويت غير المشروع يحرم الساكنة الأصلية من حقوقها ويؤدي إلى تكريس الفوارق الاجتماعية وتعميق الشعور بالغبن.كما أن استغلال هذه الأراضي في مشاريع استثمارية خاصة خارج الضوابط القانونية يعرقل أي تنمية عادلة ومستدامة.

إصلاحات منتظرة لإغلاق أبواب الفساد

يرى المراقبون أن معالجة هذا الملف تقتضي: اعتماد الرقمنة الشاملة لكل المعاملات المتعلقة بالعقار السلالي للحد من التلاعب في الوثائق.
مع محاسبة صارمة لجميع المتورطين دون استثناء،سواء كانوا منتخبين أو مسؤولين إداريين. وإشراك ذوي الحقوق في الرقابة والتدبير لضمان الشفافية.تسريع تنزيل الإصلاحات القانونية الكفيلة بإغلاق الثغرات التي تستغلها شبكات الفساد العقاري.

إن فضائح تفويت الأراضي السلالية ليست مجرد خروقات عابرة،بل تعكس واقعا خطيرا من التلاعب بثروة وطنية يفترض أن تكون في خدمة التنمية والعدالة الاجتماعية.إن استمرار هذه الممارسات يهدد الثقة في القانون ويكرس الإحساس بالظلم لدى الفئات الهشة التي حرمت من حقوقها المشروعة.
ومهما كانت صعوبة الملف وتشابك المصالح فيه،فإن الحسم لا يكون إلا عبر محاسبة صارمة للمتورطين مهما كانت مواقعهم،وتفعيل آليات رقابة شفافة وقوية بما يضمن حماية العقار الجماعي من أطماع لوبيات الفساد وصيانة حق الأجيال المقبلة في هذه الثروة العقارية المشتركة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button