السياسة في المغرب بين الصراع العلني والنفاق السياسي

لقطة غريبة ومثيرة في نفس الوقت تلك التي جمعت وزير العدل عبد اللطيف وهبي بالأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، مساء أمس الثلاثاء بالرباط، على هامش الاحتفالات الرسمية التي نظمتها السفارة السعودية بمناسبة يومها الوطني، خلقت تفاعلات واسعة على منصات التواصل الاجتماعي.
اللقطة المتداولة والتي توثق إقدام وزير العدل وهبي على تقبيل رأس بنكيران، وإن بدت عادية لدى البعض، بحكم أن الوزير وهبي سبق أن عبر عن احترامه الدائم لشخص عبد الإله بنكيران ليس فقط كرئيس للحكومة وأمينا عاما لحزب العدالة والتنمية، وإنما كشخص أولا وأخيرا، إلا أن البعض الآخر اعتبرها مشهدا يجسد لصورة “النفاق السياسي” الذي يكرسه السياسيون في مواقف عدة.
فعلا إنها كذلك، بالأمس تهاجمني وأهاجمك، وليس تنتقدني وأنتقدك، واليوم تقبلي رأسي وأنا أطبطب عليك وأبتسم في وجهك وأضحك. صورة تؤكد للمقولة “لا ثقة في السياسيين”. و”السن تضحك للسن، والقلب فيه لخديعة”.
لقطة وزير العدل وهبي ورئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران ساهمت بشكل كبير في زعزعة ثقة المواطنين في السياسيين، لا خطاب سياسي يثلج الصدر ويشفي الغليل، ولا مواقف تابثة.
مثل هذه المواقف، وهذه المشاهد، والكلام المتداول هنا وهناك تجعل من الشباب يعزف ليس فقط عن الانتخابات، بل عن السياسة بصفة عامة والسبب في ذلك الأحزاب السياسية بما تسوقه من خطاب ومن مشاهد.
ويرى متتبعون أن مثل هذه المواقف تُسهم في إضعاف ثقة المواطنين بالخطاب السياسي، وتغذي الشعور بأن الصراع الحزبي في المغرب يبقى رهين السياقات والظروف، أكثر مما يعكس قناعات راسخة أو مبادئ ثابتة.
وهنا استحضر خطاب الملك محمد السادس سنة 2017, بمناسبة الذكرى الثامنة عشرة لعيد العرش حيث قال جلالته: “وإذا أصبح ملك المغرب، غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟”. وأضاف جلالة الملك في نفس الخطاب، “إن بعض السياسيين انحرفوا بالسياسة، كما أن المواطن لم يعد يثق بهم”، مخاطبا إياهم بقوله: “إما أن تقوموا بمسؤولياتكم أو تنسحبوا”.
إذن هذا هو الواقع وهذه هي السياسة والسياسيون.



