أخبارالرئيسيةفي الصميم

الروائي”داود” يوقظ ضمير الجزائر ويدعو إلى بناء مغرب كبير

وأخيرا وجدت ضالتي فيما ورد من الجانب الشرقي من هذا المجال الجغرافي الذي يجمعنا بإخواننا المغاربيين ، فقد عثرت على الكلام الذي كنت أود منذ مدة أن أقرأه أو أسمعه آتيا من الجزائر بالضبط ، من حيث لم يعد يأتينا إلا ما يبعث على التشاؤم بشأن مصير العلاقات المغربية الجزائرية. .

عثرت أخيرا على ضالتي وأنا أتصفح مجلة ( جون أفريك ) وضمن ما قاله الكاتب الجزائري كمال داود في خاتمة إستجواب له ، تحدث فيه عن الصراع المغربي – الجزائري ٠ وإن ما قاله أخونا كمال يختلف تمام الإختلاف عما يصدر عن الدوائر الحكومية وعما يروجه المنتسبون إلى المجالات الإعلامية والأكاديمية الجزائرية ٠ وإن ما يبعث على الإرتياح أنه يتميز بالروح التي تتطابق ما يصدر عن المصادر الرسمية العليا المغربية التي ما تزال يدها ممدودة لإحلال الوفاق وتسوية المشاكل والنزاعات.

لم أكن شخصيا الكاتب المغربي الوحيد الذي حاول أن يتبنى روح الوفاق نزولا عند دعوة جلالة الملك محمد السادس ، بالرغم من مظاهر العداء المستحكم والعنف اللفظي اللذين يطبعان ما ينشر ويبث أو يذاع إنطلاقا من الجزائر، وبواسطة الأجهزة الرسمية.

بقلم/ الاعلامي عبدالسلام البوسرغيني

لقد سبق لي شخصيا في إحدى تدخلاتي أن دعوت للإقتداء بالمصالحة التي تحققت ما بين فرنسا وألمانيا رغم الحروب والدماء والمآسي التي ظلت ترافق صراعاتهما منذ القرن التاسع عشر٠ إن ما حدث من مصالحة بين الدولتين سنة ١٩٥٨ وكرسته المواثيق المبرمة بينهما سنة ١٩٦٢ ، ليعد من أهم ما سجلته الأحداث الدولية في القرن الماضي، إذ ساعد على بناء أروبا موحدة إقتصاديا وسياسيا ، وأسفر عما تنعم به حاليا من إزدهار وتقدم ٠ أفلا يكون ذلك مدعاة للإقتداء ، بالنسبة لبناء المغرب العربي إنطلاقا من تحقيق تحالف مغربي جزائري ٠

لقد سعدت بالإطلاع على محتوى إستجواب الكاتب الجزائري كمال داود الذي أطلع قراء (جون أفريك ) وعموم الناس على المسعى الذي يقوم به لتوجيه الرأي العام في الجزائر وفي المغرب أيضا إلى تشييد ما يساعد على البناء لا إلى ما يؤدي إلى الحرب ٠ ولقد أدركت كم هو مفيد وباعث على الإرتياح أن يقرأ الإنسان ما يصدر عن الكتاب الذين ينطلقون من ضمير حي لا يجامل لا الحكام ولا السياسيين المنحرفين.

وفي الإستجواب الذي أجرته ( جون أفريك ) مع الكاتب الجزائري ، تحدث بإسهاب عن الوضع في الجزائر وما يعتمل فيها من أفكار ومخاض ، ولم يخصص للصراع المغربي الجزائري سوى جزء يسير في ختام حديثه ، أود أن أقدم ملخصه لوجاهة ما تضمنه من آراء. .

لقد خاطب الكاتب الجزائري كمال داود أبناء وطنه بالصراحة التي يتطلبها الوضع الخطير الذي يتماثل أمامه ، عندما سئل عن رأيه فيما خلفته المحاكمات الكبرى على البلاد فقال ” لقد أدهشني إتساعها وأرقامها وواقع كوننا بلدا ننهش لحم بعضنا البعض ( سوطوكنيباليز)٠ فهل يمكن أن نتصور كم من الجنرالات ورؤساء الحكومات والوزراء ورجال الأعمال في السجون ٠ إننا لم ننجح في أن نملك حياة وطنية عادية في العمق ٠ فسجوننا ممتلئة بمنحرفين كانوا قادتنا لمدة عشرين سنة ٠٠٠ لقد كانت كارثة أخلاقية ٠ وستظل المضاعفات الثانوية لعهد بوتفليقة تتعقبنا لجيل أو جيلين ” ٠. .

واستطرد الكاتب الجزائري قائلا : ” اننا لم نستطيع أن نتصور السعادة ٠ وعلى العكس فإننا نعرف كيف نتصور الحرب ٠وعندنا جيل ينتعش على تصور الحرب ضد فرنسا ، وضد إسرائيل ، وضد المغرب ٠ولا نتحدث إلا قصة واحدة ، هي قصة الحرب ٠”.

وانطلاقا من هذا التصور المزعج سأل المستجوب كمال داود عما إذا كانت الحرب الباردة المزمنة والمتواصلة مع المغرب البلد الجار تخيفه ، فأجاب قائلا : ” هذا هو الواقع ، وإنه ليقلقني ٠ ولقد تقاسمت مع ليلى السليماني وسناء بن عاشور نداء ندعو فيه إلى التحلي بالنضج والتعقل ، وإلى البناء المغاربي عوض البناء للحرب المغاربية ٠ إنني أنتسب إلى منطقة الحدود المغلقة منذ ١٩٩٤، وكنت ادرك كيف يمكننا أن نحلم بحرية السفر إلى الدار البيضاء أوأكاديرأو وجدة ، وإننا لنرى الأن كيف ان هذا الحلم تبخر فجأة ٠ لقد قلت للرئيسين الجزائري والفرنسي ، إننا بصدد صنع جيل من الجزائريين والمغاربة لا يعرفون بعضهم البعض ، وأن جهلهم هذا لبعضهم يعتبر محركا لحرب ممكنة ٠ إنها كارثة بالنظر إلى التاريخ الذي يربطنا ببعضنا البعض ٠ وأنني لا أرغب في أن أعيش هذه الحرب الباردة ، وأترك لأبنائي إمكانية نشوب حرب واقعية ٠ وإن أمامنا كثيرا مما نكسبه لو عملنا عل أن نعيش كمغاربيين ” ٠”.

أختم كلمتي هذه بهذا النداء الحار المنبعث من الضمير الحي للكاتب الجزائري كمال داود ، وهو موجه بالأساس ، كما يبدو من خطابه لمن يعنيهم الأمر من بني وطنه ، لكي يتراجعوا عن تأجيج الصراع بين الجزائر والمغرب ، ولكي يعملوا على إنشاء جيل يتخلص من عقلية البناء من أجل الحرب والتشبع عوضا عن ذلك بعقلية البناء من أجل تحقيق الوحدة المغاربية ، ومن أجل التعايش واستتباب الأمن والسلام.

كل التفاعلات:

٣٣

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button