أخبارسياسة

دروس ألمانية أو حين تكون مصلحة المواطن أولوية!

نعم ربما تعتقدون أن هناك فرق في المجتمعات، لكني أرى العكس، هناك فرق بين من يدير تدابير هذه المجتمعات، فالأمية ليست ظاهرة اجتماعية بقدر ما هي نتيجة فشل سياسات تعليمية لم تعطي ما كان متوخى منها. هنا تبدأ المفارقات وتظهر نقط التباعد بين مختلف المجتمعات، لأن تدابير الشأن العام مختلفة تماما، وليست لها قاعدة عامة، بل هناك إرادات وعزائم وروح العمل وحب الوطن.

أزمة الطاقة مؤخرا خلقت العديد من المشاكل الاقتصادية على المستوى العالمي، فهناك من أحسن تدبير المرحلة، وهناك من لا زال يبحث عن التفكير في حلول، وهنا الطامة الكبرى واختلاف التدابير المتبعة.

في بلادنا تم تعويض مهنيي وسائل النقل، ورغم ذلك الكثير منهم وبمناسبة العيد وحتى قبلها رفعوا سعر التذاكر بحجة غلاء المحروقات، ورغم الدعم المقدم واصل الكثير منهم استغلال مناسبات العديد ليحدد سومة التذاكر كما يحلو له، في غياب المراقبة وفي غياب أية حماية للمواطن من بشع استغلال بعض أرباب النقل. مشكلتنا أننا لا نرحم بعضنا البعض، الكثير من المهنيين إلى وقت قريب كانوا يشتكون من غلاء سعر البنزين، وحين أتيحت لهم الفرصة لم يرحموا المواطن البسيط، وهم يعرفون جيدا أن العيد مناسبة دينية يتنقل فيها غالبية المواطنين نحو ذويهم.

في ألمانيا، وفي نهاية شهر ماي، وبعد غلاء سعر البرميل، اتخذت ألمانيا قرارا بتوفير تذكرة سفر بسعر تسعة اورو شهريا بالنسبة لشهر يونيو ويوليوز وغشت، يمكن التنقل بها في جميع التراب الألماني واستعمال جميع أنواع المواصلات.

وقبل حوالي شهر ونصف من انتهاء هذا العرض، الحكومة الألمانية تفكر اليوم بعروض جديدة تخفف عن المواطنين حمل التضخم وتمنحهم متعة التنقل بحرية وبأقل الأثمان في كافة التراب الألماني، وقال وزير النقل الألماني اليوم أن من المنتظر أن تتوافر في بداية نونبر المقبل بيانات عن التذكرة الحالية تساعد في التقييم، ما هي الخبرات المكتسبة من ذلك؟ ما الدور الذي يلعبه السعر؟ أي دور يلعبه الاستخدام السهل أو سريان التذكرة على مستوى ألمانيا؟

وأضاف لوكالة الأنباء الألمانية: هناك الكثير جدا من التكهنات في ذلك لكننا لن نعرف الأمر على وجه اليقين، ولذلك نحن في حاجة إلى نتائج التقييم.

هكذا تدار السياسات بالتجربة والتقييم والنتائج، في الدول التي تحترم نفسها، وتحترم مواطنيها. وليس بشعارات سياسية جوفاء، ووعود انتخابية بلهاء، تعطي انطباعا أكيد عن نوع الساسة اليوم، وعن برامجهم وأفكارهم ومشاريعهم.

فهل يكون الدرس الألماني البسيط مفيدا في إعادة بلورة سياسات جديدة يكون المواطن في صلب الاهتمام وليس فريسة للاستغلال من طرف الشركات والتجار الكبار وأرباب النقل وغير ذلك، من يحمي هذا المواطن إن لم تكن النخب السياسية المنتخبة التي تحملت مسؤولية الدفاع عن حق المواطن وحمايته وتوفير سبل العيش الكريم.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button