لقجع يطلق حملة مالية جديدة

تتجه الحكومة المغربية إلى تشديد الرقابة على مصادر الدخل غير المصرح بها في خطوة تهدف إلى محاربة التهرب والغش الضريبيين اللذين يكلفان خزينة الدولة ما يقارب 100 مليار درهم سنويا حسب تقديرات رسمية.
ويقود وزير الميزانية فوزي لقجع هذا الورش المالي الاستراتيجي من خلال إدراج نظام “الاقتطاع من المنبع” ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026،كآلية جديدة لتعزيز العدالة الجبائية وضمان استخلاص الضرائب بشكل مباشر من المصدر.
وقال لقجع خلال عرضه أمام لجنة المالية بمجلس النواب إن هذا النظام يهدف إلى سد منافذ التهرب الضريبي المنتشرة خصوصا داخل القطاع غير المهيكل الذي يعتبر أحد أبرز التحديات أمام العدالة الضريبية في المغرب. وأوضح أن الحجز من المنبع الذي كان يطبق سابقا على الضريبة على الشركات وعلى القيمة المضافة سيتم توسيعه ليشمل مكافآت الخدمات التي تقدمها الشركات الكبرى كمؤسسات الائتمان وشركات التأمين والمقاولات التي يتجاوز رقم معاملاتها 50 مليون درهم سنويا .
كما ستشمل المقتضيات الجديدة عائدات كراء العقارات سواء بالنسبة إلى الشركات الخاضعة للضريبة على الشركات أو الأشخاص الذاتيين الخاضعين للضريبة على الدخل المهني وفق نظام النتيجة الصافية.
وتسعى هذه الإجراءات إلى توسيع قاعدة المساهمين في النظام الضريبي وتحقيق نوع من المساواة الجبائية بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين،من الرسميين والمهيكلين إلى العاملين في القطاع الموازي.
وفي السياق نفسه تضمن مشروع قانون المالية إصلاحات تقنية تروم تقييد عمليات التفويت والمعاملات العقارية بشفافية أكبر إذ تم اقتراح فرض واجب تسجيل إضافي بنسبة 2 في المائة على العقود التي لا تتضمن وسيلة الأداء المستعملة أو المراجع البنكية،أو في حال تم الأداء خارج محاسبة الموثق في مسعى لتتبع التدفقات المالية غير المصرح بها ومحاربة غسيل الأموال.
كما تم التنصيص على إلزامية التصريح بالضريبة على الأرباح الناشئة عن رؤوس الأموال المنقولة خلال 30 يوما من تاريخ التفويت لضمان ضبط العمليات المالية في آجالها القانونية.
ومن جهة أخرى ألزم المشروع منشآت الصناعة التحويلية بأداء الضريبة على القيمة المضافة المتعلقة بمشتريات النفايات الصناعية والمعادن والمواد المستعملة في إطار مكافحة الممارسات غير القانونية التي تستغل فيها هذه العمليات للتهرب من الأداء الضريبي.
ويرى مراقبون أن هذه المقتضيات تمثل تحولا مهما في السياسة الجبائية المغربية كونها تعتمد على مبدأ “الاقتطاع من المصدر” لتفادي الضياع الضريبي بدل انتظار التصريحات الطوعية التي غالبا ما تكون ناقصة أو مغلوطة.
كما تؤكد توجه الحكومة نحو ترشيد الامتيازات الجبائية وربط الدعم والتحفيزات بالشفافية المالية والمحاسباتية بهدف تحقيق العدالة الجبائية الشاملة وتقليص الفوارق بين القطاعات الرسمية وغير الرسمية.
ويتوقع أن يثير هذا التوجه نقاشا واسعا داخل الأوساط الاقتصادية والمهنية بين مؤيدين يعتبرونه خطوة ضرورية نحو تنظيم الاقتصاد ومراقبة التدفقات المالية ومعارضين يرون فيه عبئا إداريا إضافيا على المقاولات خاصة الصغيرة والمتوسطة.
في المحصلة،يبدو أن وزارة الميزانية عازمة على تعزيز الرقابة الجبائية وتحصين الموارد العمومية من خلال أدوات دقيقة وفعالة تضع المغرب على طريق إصلاح ضريبي شامل يوازن بين متطلبات الإنصاف والصرامة القانونية.



