جدل في وزارة التضامن

عاد الجدل مجددا إلى وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة،بعد موجة انتقادات طالت الوزيرة نعيمة بن يحيى بسبب سلسلة من التعيينات التي وصفت بأنها “محكومة بالولاء الحزبي” أكثر من معايير الكفاءة والاستحقاق.
فبعد الضجة التي أثارتها قبل أسابيع بتعيين إحدى عضوات حزب الاستقلال مديرة لمديرية المرأة رغم حداثة عهدها بالإدارة العمومية،عادت الوزيرة لتثير جدلا جديدا عقب تعيين عضو بارز في الشبيبة الاستقلالية مديرا لمديرية النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وهو ما اعتبره عدد من الأطر “ترقية سياسية” لا تستند إلى الخبرة أو المسار المهني.
وفق مصادر من داخل الوزارة،فإن هذا التعيين الأخير عمق حالة الاحتقان داخل صفوف موظفي القطاع،بعدما شعر العديد من الكفاءات الإدارية بالتهميش والإقصاء رغم تراكمهم سنوات طويلة من العمل والخبرة الميدانية في قضايا المرأة والطفولة والإعاقة. وتحدثت المصادر عن “شعور بالإحباط وفقدان الثقة” في آليات التقييم والترقية،معتبرة أن الوزيرة فضلت الأسماء القريبة منها ومن قيادة حزبها،في خطوة تعيد إلى الواجهة نقاشا قديما حول علاقة الانتماء الحزبي بتدبير الوظيفة العمومية.
ويرى مراقبون أن قرارات بن يحيى تمثل “عودة قوية لثقافة المحسوبية والترضيات السياسية”في وقت تتبنى فيه الحكومة خطابا رسميا يدعو إلى الكفاءة وتكافؤ الفرص في التعيين بالمناصب العليا.
كما اعتبروا أن هذه الممارسات تضعف مصداقية وزارة يفترض أن تكون نموذجا في الشفافية والنزاهة بحكم طابعها الاجتماعي والإنساني وتفقدها ثقة الرأي العام الذي ينتظر منها الانكباب على قضايا حيوية تتعلق بالمرأة والطفل والأشخاص في وضعية هشة بدل الانشغال بصراعات داخلية أو توازنات حزبية ضيقة.
ويربط بعض المتتبعين هذه القرارات بعلاقة “القرب السياسي”التي تجمع الوزيرة بالأمين العام لحزب الاستقلال نزار بركة،معتبرين أن “الحصانة الحزبية” التي تحظى بها الوزيرة داخل الحزب تمنحها حرية اتخاذ قرارات مثيرة للجدل دون خشية من المحاسبة السياسية أو الإدارية.
في المقابل،يرى آخرون أن هذه التعيينات ليست سوى تجل لمعضلة أوسع في المشهد السياسي المغربي تتمثل في تداخل الحزبي بالمؤسساتي وغياب معايير موضوعية واضحة لتقييم الأداء داخل الوزارات ذات الطابع الاجتماعي.
فهذه القطاعات التي يفترض أن تكون قاطرة للتنمية البشرية والإدماج الاجتماعي،أصبحت في بعض الأحيان ساحة لتجريب الولاءات وتبادل المنافع الحزبية مما يضعف كفاءة الإدارة العمومية ويقزم ثقة المواطن في مؤسسات الدولة.
ومهما تكن خلفيات القرارات الأخيرة فإنها تعيد إلى الواجهة سؤالا جوهريا يطرحه الرأي العام المغربي بإلحاح:
هل يمكن فعلا بناء إدارة عمومية فعالة تخدم المواطنين في ظل استمرار منطق “الولاء قبل الكفاءة” داخل مؤسسات يفترض أن تكون نموذجا للإنصاف والمسؤولية؟.



