تعديل دستوري مرتقب لتنزيل الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية… هل يعجل المغرب بانتخابات مبكرة في يناير؟

يشهد المغرب مرحلة سياسية ودستورية دقيقة بعد الخطاب الملكي الذي جاء عقب مصادقة مجلس الأمن الدولي بأغلبية ساحقة على القرار الداعم لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية،والذي مثل حلقة جديدة في مسار ترسيخ وحدة التراب الوطني من طنجة إلى الكويرة.
الخطاب الملكي حمل رسائل طمأنة واضحة للمجتمع الدولي مؤكدا التزام المملكة بتقديم نسخة محدثة من مقترح الحكم الذاتي تتماشى مع الدينامية الجديدة التي يعرفها الملف ومع حجم الدعم المتزايد لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
هذه النسخة المحينة حسب مصادر دبلوماسية،ستأخذ بعين الاعتبار التحولات الإقليمية والدولية الأخيرة وستعكس الرؤية المغربية لحل نهائي عادل وواقعي للنزاع،ينسجم مع توصيات الأمم المتحدة ودعواتها للحل السياسي التوافقي.
مشاورات ومفاوضات على أوسع نطاق
يرى عدد من المراقبين أن المملكة تستعد لمرحلة جديدة من البناء الدستوري والسياسي،من خلال فتح مشاورات واسعة تشمل مختلف المؤسسات الوطنية من أحزاب سياسية-نقابات ومنظمات المجتمع المدني وخبراء في القانون الدستوري وذلك في أفق بلورة تصور وطني جماعي حول تنزيل النموذج الذاتي في الأقاليم الجنوبية.
وبهذا التوجه يؤكد المغرب مرة أخرى جديته في التعامل مع مبادرة الحكم الذاتي كإطار نهائي للحل،في وقت تواصل فيه الأطراف الأخرى فقدان المصداقية أمام المنتظم الدولي بعد فشلها في تقديم بدائل واقعية أو مقبولة.
دعم دولي متزايد ومناخ إقليمي جديد
التحولات الدبلوماسية الأخيرة أبرزت أن الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها حاملة القلم في مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء أصبحت تدعم بشكل صريح ومباشر المقاربة المغربية للحل في انسجام مع الموقف التاريخي الذي اتخذته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر 2020 بالاعتراف بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية.
كما تسعى واشنطن بحسب مراقبين إلى تهيئة مناخ للمصالحة بين المغرب والجزائر،بهدف إحياء الاتحاد المغاربي وتعزيز الاستقرار الإقليمي خصوصا في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه المنطقة.
تعديل دستوري وانتخابات مبكرة محتملة
في السياق الداخلي، يتوقع أن يفتح قريبا ورش التعديل الدستوري المرتبط بتنزيل الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية في إطار تفعيل موسع للجهوية المتقدمة ومراجعة بعض المقتضيات المؤسسية التي ستمكن من منح مزيد من الصلاحيات للجهات الجنوبية في التدبير الذاتي للشؤون المحلية.
ويرجح مراقبون أن يفضي هذا التعديل إلى إعادة ضبط التوازن السياسي والمؤسساتي بما قد يفتح الباب أمام إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في يناير المقبل بدل يونيو وذلك لمواكبة التحول الدستوري المنتظر وتغليب المصلحة الوطنية العليا على الحسابات الحزبية الضيقة.
الالتفاف الوطني ورهان المرحلة
في ظل هذه التطورات المتسارعة تتجه الأنظار نحو الجبهة الداخلية التي تبقى كما يؤكد الخطاب الملكي الضامن الأساسي لتماسك النموذج المغربي في مواجهة التحديات الإقليمية. وقد دعا جلالة الملك في أكثر من مناسبة إلى التحلي بروح المسؤولية والوحدة ومد يد الصلح إلى الجزائر من أجل بناء اتحاد مغاربي قوي قادر على رفع تحديات التنمية والأمن والاستقرار.
وتبقى المرحلة المقبلة حاسمة في تاريخ المغرب المعاصر،إذ يتجه البلد نحو تحول سياسي ودستوري عميق سيكرس موقعه كدولة واثقة في مؤسساتها منفتحة على الإصلاح ومتمسكة بثوابتها الوطنية الراسخة.



