Hot eventsأخبارأخبار سريعةالذكاء الاصطناعي AIالعالمالعلوم والتكنولوجيا

جمهورية نفيديا.. كيف يبدّد سباق التسلّح التكنولوجي وهم “السيادة الرقمية” العالمية؟

الرباط – في ظل اندفاع الحكومات حول العالم نحو ضخ مئات المليارات من الدولارات لبناء ما تسميه “ذكاء اصطناعي سيادي”، يخلص تحليل مطوّل نشره الباحث إيفغيني موروزوف في مجلة “لوموند ديبلوماتيك” إلى أن هذه الجهود تعتمد بشكل جذري على عتاد وتمويل أمريكي، مما يجعل من “السيادة الرقمية” سلعة تُتداوَل بشروط تفرضها واشنطن و”وادي السيليكون”.

يشير التحليل إلى أن “السيادة” أصبحت امتيازاً يسمح للدول بأن “تكتب شيكاتها للولايات المتحدة بعملتها الوطنية”، في إطار ما يشبه تطوراً لاستراتيجيات الهيمنة الأمريكية عبر ما يمكن تسميته بـ”دبلوماسية المعالج”، امتداداً لـ”دبلوماسية الجمارك” و”دبلوماسية النفط”.

وهم السيادة في أوروبا وآسيا

تظهر المفارقة جلية في خطط الاستثمار العالمية:

  • فرنسا: أعلن الرئيس ماكرون خطة استثمارات بقيمة 109 مليارات يورو للذكاء الاصطناعي، بمشاركة صناديق سيادية إماراتية وكندية وأمريكية. لكن كل الشركات الفرنسية الكبرى المشاركة تعتمد على وحدات المعالجة الرسومية “بلاكويل” التي تنتجها شركة “نفيديا” الأمريكية، المتصدرة عالمياً في سوق شرائح الذكاء الاصطناعي.
  • المملكة المتحدة وألمانيا وآسيا: تكرر المشهد في المملكة المتحدة بخطة بقيمة 150 مليار جنيه إسترليني، وفي ألمانيا، ومن الشرق الأوسط إلى جنوب شرق آسيا؛ جميعهم يسعون لكسر “الاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية” عبر شراء شرائح أمريكية بالشروط التي يحددها صانعها.

“نفيديا” والولاء المالي المُغلق

يبرز رئيس “نفيديا”، جنسن هوانغ، كمهندس لهذه المنظومة، حيث يوجه رسالة للحكومات بضرورة “امتلاك وسائل إنتاج ذكائكم”، في حين أن التفاصيل المالية تظهر دورة شبه مغلقة تعزز هيمنة شركته:

  • تخطط “نفيديا” لاستثمار نحو 100 مليار دولار في المنظومة التي يُفترض أن خطاب “السيادة” موجّه ضدها (مثل “أوبن إيه آي”).
  • بحسب التقديرات، لكل عشرة مليارات تُضخ في “أوبن إيه آي”، تستعيد “نفيديا” ما يقرب من 35 ملياراً عبر بيع شرائحها.
  • غالباً ما تُؤجَّر الشرائح بدلاً من بيعها بيعاً نهائياً، مما يزيد من ارتباط الزبائن بالشركة ويشبهها موروزوف بـ**”مخططات بونزي”** المالية.

الديون والمخاطر الجيوسياسية

يشير التحليل إلى أن مديونية قطاع الذكاء الاصطناعي بلغت نحو 1200 مليار دولار، وهو ما يتجاوز حجم ديون القطاع المصرفي قبيل أزمة 2008، مع تزايد ارتباط “السيادة الرقمية” ببيوت المال في وول ستريت.

القيود القانونية والتبعية:

  1. قانون الوصول للبيانات (Cloud Act): يمنح سلطات أمريكية حق الوصول إلى بيانات مخزنة خارج الحدود، حتى في ما يسمى بـ”السحابة السيادية”.
  2. قواعد تصدير المنتجات الأجنبية المباشرة (Foreign Direct Product Rule): توسع الولاية القضائية الأمريكية لتشمل مكونات حساسة يدخل فيها برمجيات أمريكية، حتى لو جرى تصنيعها خارج الولايات المتحدة (مثلما حدث مع شركة ASML الهولندية والقيود على التصدير للصين).
  3. تشريعات المراقبة: يناقش الكونغرس تشريعات تلزم بدمج أنظمة تتبع وجغرافيا داخل بعض الشرائح المتقدمة، مما يجعل من الشرائح “طوقاً من السيليكون” يربط البنى التكنولوجية العالمية بالمنظومة القانونية والأمنية الأمريكية.

النموذج الصيني كاستثناء؟

في المقابل، تحاول الصين انتهاج مسار لتقليص الاعتماد على الشرائح الأمريكية، ولو بثمن اقتصادي وتقني. فقد رجّحت السلطات كفة المنتجات الوطنية وألغت طلبيات ضخمة من عتاد “نفيديا”، وأطلقت نماذج لغوية واسعة مثل “DeepSeek” الأقل استهلاكاً للطاقة. ومع ذلك، تبقى سلسلة إنتاج الشرائح الصينية تعتمد جزئياً على مصانع خارجية مثل “TSMC” في تايوان.

ويخلص موروزوف إلى أن دولاً كثيرة تملك القدرة على إعادة التفاوض حول موقعها، لكنها تفتقر إلى الاستعداد لتحمّل كلفة الصدام مع قواعد يضعها “المركز” الأمريكي، مما يبقي على الشيكات موجهة بانتظام إلى “جمهورية نفيديا”.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button