مَعهد صُروح يُكرّم الأديب والإعلامي الوَاغيش بفاس

كرّم معهد صروح للثقافة والإبداع بفاس الأديب والإعلامي إدريس الواغيش، ونظّم بهذه المناسبة ندوَة فكريّة تحت عنوان: “الأنسَاق الأدبية عند الدكتور إدريس الواغيش- القصة والشعر نموذجًا”.
احتضنت هذه الندوة الفكرية التكريمية قاعة النّدوات الشّرفية بالمديرية الجهوية فاس- مكناس، تزامنت مع مساء السّبت 15 نونبر الجاري. شارك في هذه الندوَة الفكرية: أحمد بلخيري، محمد يُوب، محمد بوهلال وإبراهيم ديب، وأدار فقراتها عبد الله الحفياني.

جُلّ المُداخلات النقدية المُقدّمة كانت غنية ومتنوّعة ومُفيدة، لامست إبداعات الأديب والشاعر والاعلامي إدريس الواغيش، وقاربت تجرته من كلّ الجَوانب الإبداعية شعرا وسردًا قصصيًّا.الناقد إبراهيم ديب، تحدث في مُداخلته عن “أسرار الكتابة عند الواغيش” بصفتها آلية دفاعية متقدّمة، يتم فيها تحويل الرَّغبات إلى أشكال تعبير اجتماعية، في محاولة للقبض على “إدريس الآخر الهارب والمُنفلت، والمَجهول الذي لا نعرفه”، متحدّثًا عن “صفات أخرى، مثل: التّمرّد، الطيش، الهدوء والصّدق في الإبداع “، وحاول تفكيك نصوصه الشعرية المُشتعلة.
الناقد محمد يُوب تحدث في مداخلته عن “الواغيش الواحِدُ المُتعدّد”، وحاول تبسيط مفاهيم الأنساق الأدبية في أعمال الأديب المُتعدّد، مُتحدّثًا عن “المُضمرَات النّصّية والتناصية في نصوصه القصصية”، وما قابلها من “مُضمَرات دلالية وتداولية في القصّة القصيرة التي تتظمنها – ظلال حارقة”، مشيرًا إلى أنّ “كتابة الواغيش في القصّة والشعر، هي إبداعات فنية حديثة وليدة ظروف سوسيوثقافية”.
وبعد ذلك، انتقل إلى الحديث عن “الواغيش الذي يعي معنى الكتابة ومضامينها، والتقاطه بفنية فسيفساء الواقع، مستخدمًا حدس العاشق المُنصت إلى ما يكتبه من نصوص في القصّة أو في الشعر”، وأضاف أنّ “الأديب والشاعر الواغيش نقل هذه النصوص من واقع الواقع إلى الواقع المُتخيّل والمُتسامي”، وربطها أدبيًّا بالأنساق الثقافية الاجتماعية، الأنثروبولوجية والنفسية.
ونصوص الأديب الواغيش، كما جاء في مُداخلته “تغلي وتتحرّك وتتفاعل في مجموعته القصصية المائزة “ظلال حارقة”. وأضاف يُوب أنّ الواغيش حاول أن “يلتقط في هذه النّصوص السّرديّة تفاصيل مُجتمع الأرياف”، مُشيرًا إلى أنّ “الإنسان الرّيفي وشباب القرى في تاونات، جاءوا إلى المدينة انبهروا بالواقع، ثم وقعوا في مشكلة الاغتراب، واحترقوا داخليًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا بين أزقة وشوارع مدينة فاس”.
الناقد بلخيري تحدّث عن الوضع الثقافي الرّاهن، وعن “زمن الرّواية عند الرّوائيّين في العصر الحديث في المغرب والعالم العربي”، وذلك من خلال “بنيات أساسية ومنظمة للعمل السردي في ظل التحوُّلات يعرفها العالم”، مُشيرًا إلى “تفاعل الكتابة الرّوائيّة مع التاريخ والواقع، وقدرتها على استيعاب عدة أجناس على مستوى التفاعل النصّي بين الكاتب والنّصّ والتفاعل بين الشخصيات في الرّواية، وبين الرّواية والقارئ، بالإضافة إلى تطوُّر مفهوم الرّواية التفاعلية في العصر الرّقمي “.
الإعلامي محمد بوهلال تحدّث في مداخلته عن “الواغيش كما عرفته في الثمانينيّات”، مُستحضرًا العمل في جريدة “الاتحاد الاشتراكي” ثم في جريدة “صدى فاس” الجهوية. وقد أسهب في الحديث عن العلاقة التي جمعتهما بالشاعر الكبير محمد السرغيني إلى جانب الخبير عبد السلام الزروالي.
تنوّعت الإنتاجات الإبداعية والإعلامية عند الواغيش بين شعر وقصة ومقالة وتحقيق واستطلاع وربورتاج، كما راكم تجربة مهمّة في العمل الإعلامي مُراسلا مُتعاونًا مع جرائد وطنية ومجلات عربية.
تبقى الإشارة في الأخير إلى أنّ الندوة بمثابة احتفاء واعتراف بما أبدعه وراكمه الأديب والإعلامي إدريس الواغيش في القصة والشعر، وما أسداه من خدمات في المجال الإعلامي بتغطياته لمختلف الأنشطة بفاس وخارجها، كما عُرف بمقالاته الفكرية الرّصينة.
حضر الندوة جمهور كمّي ونوعي وأساتذة جامعيّون ومبدعو ومبدعات وإعلاميون من فاس ومن خارجها.



