أخبارالرئيسيةحوار

عزيز رباح: بين صرامة المواقف ورؤية الإصلاح الهادئ

في خضم زخم الساحة السياسية المغربية، يطل الوزير السابق عزيز رباح بصوته الهادئ لكن الحازم، ليعيد توجيه البوصلة نحو قضايا أعمق من صراعات السياسة وتناحر الزعامات. في حوار إعلامي مطوّل، لم يتردد رباح في طرح قضايا الساعة، مجددًا التأكيد على ضرورة عودة النقاش السياسي إلى جوهره الحقيقي: هموم المواطنين وتحديات التنمية البشرية.

بينما كانت أسئلة الصحافي تتنقل من تسريبات الجبروت والاتهامات الضريبية، إلى خرجات ابن كيران الإعلامية، لم يختبئ عزيز رباح خلف عبارات مائعة. بل أصرّ على أن المؤسسات يجب أن تقوم بدورها، سواء تعلق الأمر بالعدالة أو بإدارة الضرائب، مؤكّدًا أن الحديث عن “جبروت” لا يطعن فقط في وزير العدل، بل في مؤسسات الدولة ذاتها إن لم تتحرك لتوضيح الحقائق.

ورغم انتقاده الضمني لبعض “الانزلاقات السياسية”، فإن رباح حرص على وضعها في سياقها الطبيعي، دون شيطنة أو تصفية حسابات. فقد اعتبر أن عبد الإله بنكيران يظل من كبار الزعماء السياسيين، مع ما يرافق ذلك من بعض الفلتات في التعبير. غير أن الأهم، حسب رباح، هو تجاوز الصراعات السياسية العقيمة، والتوجه نحو البرامج والمشاريع القادرة على تحقيق التغيير الملموس.

في تقييمه للوضع الراهن، عبّر رباح عن ارتياحه للتقدم الكبير في البنية التحتية والتنمية الحضرية، لكنه أطلق تحذيرًا صريحًا حول تحديات التنمية البشرية، ومشاكل الشباب والتشغيل والتعليم والصحة، داعيًا إلى رفع النقاش العمومي لمستوى هذه التحديات بدل الاكتفاء بتبادل الاتهامات.

وعندما سُئل عن اسمه الذي راج إعلاميًا كمرشح محتمل لرئاسة مجلس الجالية، كان جوابه صريحًا: “لا علم لي بذلك، ولم يتواصل معي أحد، وهذا قرار سيادي بيد جلالة الملك”. ثم أردف بحكمة السياسي الذي اختبر السلطة وخرج منها دون مرارة: “إذا كُلفت، فذلك شرف، وإذا لم أُكلّف، فحب الوطن لا يُقاس بالمناصب”.

رباح الذي راكم تجربة سياسية تجاوزت العقدين، في الجماعات المحلية والبرلمان والحكومة، لا يرى في خروجه من المسؤولية نهاية لدوره، بل فرصة لتقاسم التجربة وخدمة الوطن من مواقع أخرى. يقولها بوضوح: “هذا عطاء من الله يجب أن يُعاد إلى الوطن والمجتمع”.

في النهاية، لا يُخفي الوزير السابق رغبته في أن تنتقل الحياة السياسية في المغرب إلى مستوى النضج الذي يليق بطموحات ملايين المواطنين، ولا يطلب الكثير: فقط أن يجد الشاب العاطل، والطالب الحائر، والأب المنهك، قضاياهم الحقيقية حاضرة في النقاش السياسي.

بهذه الروح، يواصل عزيز رباح حضوره السياسي الهادئ لكن العميق، بعيدًا عن الضجيج، قريبًا من الوطن.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button