المحامي زهير أصدور..رسالةمجاهد ليست اعتذاراً وإنما هروبامن مواجهة الحقيقة

الرسالة التي وجّهها يونس مجاهد للنقيب الحسين الزياني رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب لا تحمل في جوهرها اعتذاراً، بقدر ما تقدّم درساً جديداً في فنّ “التجفاف” الذي بات صاحبها يتقنه أكثر من أي ممارسة مهنية حقيقية.
فالأسلوب نفسه يتكرّر: تبرير، التفاف، تعليق المسؤولية على مجهول، ثم تقديم اعتذار مُعلّب لا يقرّ بشيء ولا يتحمّل أي نتيجة.
أول ما يلفت الانتباه في رسالته هو محاولته الدائمة تسويق الوهم المؤسسي: الحديث عن “الإطار القانوني”، “الضوابط التنظيمية”، “التحقيق في ظروف التسريب”… وكأن المشكلة في الأداة التي كشفت الفضيحة، وليس في الفضيحة نفسها.
إنه نفس المنطق القديم: الهروب من السؤال الجوهري — ماذا كان يحدث داخل لجنة الأخلاقيات أصلاً، وما طبيعة تلك العبارات التي يتبرّأ منها اليوم؟ثم يعود مجاهد لاتهام التسجيلات بأنها “خضعت للتركيب والتأويل”، دون أن يمتلك شجاعة النفي الصريح أو الإقرار الواضح.
خطاب رمادي، مصنوع لترميم السمعة دون الإجابة عن أي شيء.أما الاعتذار الذي قدّمه، فهو من نوع الاعتذار الدفاعي: اعتذار عن “تداول العبارات” وليس عن “قولها”.
اعتذار عن “الالتباس” وليس عن “السلوك”.وكأن الخلل في الجمهور الذي لم يفهم، لا في اللجنة التي انكشفت.
ويستمر مجاهد في اللغة الخشبية التي أتقنها طوال سنوات: مدح للمؤسسات، إغراق في العبارات البروتوكولية، ثم ادعاء الحرص على “التقدير المتبادل”، بينما الحقيقة أن أخطر ما مسّ هذه العلاقة هو ما تم كشفه داخل اللجنة نفسها — لا ما نشره الصحافيون.
باختصار: هذه الرسالة ليست اعتذاراً ولا توضيحاً — إنها محاولة تقنّع، الغاية منها احتواء الغضب، لا مواجهة الحقيقة.
لقد سقطت لجنة الأخلاقيات في أخلاقيات-غيت، وسقط معها الخطاب الخشبي الذي يحاول مجاهد اليوم ترقيعه بعبارات منمّقة.
والواقع أن ما يحتاجه المشهد الإعلامي ليس رسائل “تجفاف” إضافية، بل مساءلة حقيقية لسلوك من كانوا يفترض أن يكونوا حُماة للأخلاقيات، لا مصدراً للاستهزاء بها.



