
الرباط – الحدث الإفريقي
في محطة قضائية فارقة، وضعت محكمة النقض، يوم الثلاثاء 9 دجنبر 2025، حداً لمسار طويل من المنازعات داخل حزب جبهة القوى الديمقراطية، بعدما قضت برفض طلب النقض الذي تقدم به المصطفى بنعلي ضد المصطفى لمفرك ومن معه، لتصبح بذلك الأحكام الصادرة لفائدة هؤلاء حائزة لقوة الشيء المقضي به، غير قابلة لأي طعن إضافي.
القضية تعود إلى سنة 2019، حينما أقدم المصطفى بنعلي على اتخاذ قرارات بطرد المصطفى لمفرك وأربعة قياديين آخرين من الحزب. قراراتٌ اعتبرتها المحكمة الابتدائية بالرباط غير مؤسسة قانوناً، فقضت ببطلانها، وهو الحكم الذي أيدته محكمة الاستئناف بعد ذلك. ومع قرار محكمة النقض الأخير، تكون الحقيقة القانونية قد اكتملت: قرارات الطرد لم تكن مشروعة، والقياديون المطرودون ظلّوا محتفظين بكامل صفاتهم الحزبية.

هذا التطور يعيد ترتيب المشهد الداخلي للحزب بشكل جذري، خصوصاً بعدما حصل المصطفى لمفرك، نهاية نونبر الماضي، على حكم نهائي ببراءته من جريمة انتحال صفة الأمين العام. وهي التهمة التي ظلت تلاحقه منذ أن تقدم سنة 2019 بالملف القانوني للحزب إلى وزارة الداخلية، مرفقاً بوثائق تؤكد عقد مؤتمر وطني استثنائي بمدينة الجديدة في يونيو من السنة نفسها، أسفر عن انتخابه أميناً عاماً وانتخاب مجلس وطني وأمانة عامة شرعية.
ورغم تقديم كل الوثائق حينها، واجهت وزارة الداخلية ذلك الملف بموقف واحد: “المعنيون مطرودون من الحزب”. هذه الحجة التي كان الخيط الرفيع الوحيد الذي اعتمدته الإدارة لعدم تسليم وصل الإيداع.
اليوم، لم يعد لذلك المبرر أي أساس. فالقضاء ـ من الابتدائي إلى الاستئناف وصولاً إلى محكمة النقض ـ قال كلمته بوضوح: الطرد باطل، والمؤتمر سليم، والصفة قائمة قانوناً.
وبناءً على ذلك، تجد وزارة الداخلية نفسها مطالَبة، أكثر من أي وقت مضى، بتطبيق القانون، واحترام قوته الملزمة، وتمكين المصطفى لمفرك من وصل الإيداع الرسمي باعتباره الأمين العام المنتخب وفق المساطر القانونية والشرعية التنظيمية، لا سيما وأن القضاء أثبت:
• استمراره في صفته داخل الحزب عند انعقاد مؤتمر 2019،
• وبراءته التامة من جنحة انتحال صفة الأمين العام.
إنها لحظة يُعاد فيها الاعتبار للقانون داخل تنظيم سياسي عاش سنوات من التمزق الداخلي، وتُعطى فيها الكلمة الفصل لمؤسسات الدولة: القضاء أولاً، ثم الإدارة التي باتت مطالبة بترجمة هذا المنجز القضائي إلى أثر إداري واضح.
لحظة تقول إن الشرعية لا تُختطف، وإن المؤسسات — مهما طال الزمن — تسترجع توازنها عندما تُعاد الأمور إلى نصابها.
ومع قرار محكمة النقض، يُفتح الباب أمام مرحلة جديدة داخل جبهة القوى الديمقراطية، عنوانها: عودة القيادة التي اختارها المؤتمر، وعودة القانون إلى موقعه الطبيعي كحَكَمٍ وحيد بين المتخاصمين.



