القضاء بفاس يصادر ممتلكات رئيس مجلس مولاي يعقوب ويتابع شبكة اختلالات مالية وإدارية واسعة

أصدرت غرفة جرائم غسل الأموال بالمحكمة الابتدائية بفاس حكمًا يقضي بمصادرة أموال وممتلكات رئيس المجلس الإقليمي لمولاي يعقوب، جواد الدواحي، رفقة ثمانية متهمين آخرين، من ضمنهم مسؤول إداري بالمجلس، وذلك على خلفية متابعتهم بتهم تتعلق بغسل أموال عمومية متحصلة من الاختلاس.
وقضت المحكمة في حق جميع المتابعين بعقوبة حبسية موقوفة التنفيذ مدتها سنتان، مع أداء غرامة مالية قدرها 50 ألف درهم لكل واحد منهم، إضافة إلى مصادرة الممتلكات العقارية المحجوزة والمكتسبة بعد دخول قانون غسل الأموال حيز التنفيذ سنة 2007، لفائدة الدولة، مع رفع الحجز عن الممتلكات التي تم اقتناؤها قبل هذا التاريخ. كما شمل الحكم مصادرة الأموال المنقولة والحسابات البنكية المحجوزة لفائدة الخزينة العامة.
وفي اليوم ذاته، مثل رئيس المجلس الإقليمي والمتهمون الثمانية أمام غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في الجرائم المالية بمحكمة الاستئناف بفاس، في ملف آخر يتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية، والتزوير في وثائق رسمية وعرفية واستعمالها، إلى جانب تهم استغلال النفوذ. وقررت المحكمة تأجيل النظر في هذه القضية إلى جلسة ستنعقد بتاريخ 30 دجنبر الجاري.
وتعود تفاصيل القضية إلى تقرير افتحاص أنجزته لجنة مشتركة، وقفت على مجموعة من الاختلالات المالية والمحاسباتية في تدبير مجلس إقليم مولاي يعقوب خلال الولاية الثانية لرئيسه. وقد كشفت التحقيقات عن خروقات وُصفت بالخطيرة، استدعت فتح أبحاث موسعة من طرف المصالح المختصة، شملت الاستماع إلى عشرات المعنيين.
وسجل التقرير وجود نقائص شكلية ومسطرية في تدبير الصفقات العمومية، همّت أنظمة الاستشارة ودفاتر الشروط، وفحص العروض، وإلغاء أو عدم جدوى بعض طلبات العروض دون احترام المساطر القانونية، فضلاً عن غياب محاضر رسمية وعدم تبليغ المتنافسين بقرارات الإلغاء.
كما رُصد قبول عروض لا تستجيب للشروط التقنية، والشروع في تنفيذ بعض الصفقات قبل استكمال الضمانات القانونية، إضافة إلى تأجيل إنجاز الأشغال لمدد طويلة دون مبررات مثبتة، ما ترتب عنه أداء مبالغ إضافية نتيجة مراجعة الأثمان.
وسجلت لجنة الافتحاص تناقضات بين وثائق بعض الصفقات، وتأخرًا في صرف مستحقات مقاولين، إلى جانب تلاعبات في تفويت سندات الطلب، أبرزها حصر الاستفادة في عدد محدود من الموردين، مما أدى إلى تركيز مبالغ مالية كبيرة لدى أطراف بعينها خلال فترات زمنية قصيرة.
كما كشف التقرير عن إنجاز نفقات لا تدخل ضمن الاختصاصات الذاتية للإقليم، وتوجيه طلبات لمقاولات غير متخصصة، وهو ما أثر سلبًا على مبدأ المنافسة وجودة الخدمات، ورفع من كلفة الإنجاز.
ومن بين الاختلالات المسجلة أيضًا، ضعف مسك الوثائق الإدارية المرتبطة بسندات الطلب، وغياب معايير واضحة في مصاريف الاستقبال والإطعام، إضافة إلى سوء تدبير حظيرة السيارات والآليات، في ظل غياب سجلات دقيقة لتتبع استهلاك المحروقات وأشغال الصيانة.
وتطرق التقرير كذلك إلى غياب الشفافية في تشغيل الأعوان العرضيين، واستمرار تشغيل عدد كبير منهم طيلة السنة دون آليات للمراقبة والتتبع، فضلاً عن غموض المعايير المعتمدة في دعم جمعيات مستفيدة من شراكات مع المجلس، مع عدم الإدلاء بالتقارير المالية والأدبية المطلوبة.
وتأتي هذه التطورات لتسلط الضوء على حجم الاختلالات التي شابت تدبير الشأن المالي والإداري بالإقليم، في انتظار ما ستسفر عنه جلسات المحاكمة المقبلة والقرارات القضائية النهائية.



