Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين الحدث الافريقي

دوري الأمم… تطوير أم إنهاك جديد؟

لم يستوعب عشّاق الساحرة المستديرة بعد—من جماهير ولاعبين ومدربين وكل أطراف المنظومة الكروية—وتيرة القرارات التي رفعت عدد المنتخبات والفرق في مختلف البطولات، حتى باغتتهم المؤسسات الكروية بـجرعة زائدة أخرى، أقل ما توصف به أنها مُرهِقة ومثيرة للريبة.

بالأمس، اجتاح الغضب القارة الإفريقية عقب قرار إقامة كأس الأمم الإفريقية كل أربعة أعوام بدلًا من عامين، مع تعويض ذلك بإطلاق “دوري الأمم الإفريقية” على غرار النسخة الأوروبية.

واليوم يتكرر المشهد ذاته في آسيا، بإعلان “دوري أمم آسيوي” رسمي، ليحلّ محل المباريات الودية في توقفات أيام فيفا.

الصورة باتت أوضح من أن تُخفى: الاتحاد الدولي لكرة القدم يقف خلف هذه السلسلة من القرارات، سواء أُعلن ذلك صراحة أم لُفّ بعبارات التطوير وتحسين الجودة. ما يحدث ليس مصادفة بين إفريقيا وآسيا، بل مسار متوازٍ، إن لم يكن مخططًا واحدًا يُنفَّذ بأدوات مختلفة.

دهس الصرخات… قادم لا محالة

قبل أشهر، لوّح نجوم أوروبيون بإضراب محتمل احتجاجًا على ضغط الروزنامة، مع النظام الجديد لدوري الأبطال، وتضخّم كأس العالم للأندية، واتساع مونديال المنتخبات. رودري كان صريحًا، واتحاد اللاعبين المحترفين فيفبرو تحرّك قانونيًا. الرد؟ لا أرى ولا أسمع، مع خطاب مكرر عن حق فيفا في التطوير.

ومع تعقّد المشهد الأوروبي، اتجهت البوصلة إلى إفريقيا وآسيا، حيث تُخلق بطولة من العدم، تُغيّر مسمّى الوديات إلى مسابقة رسمية.

قد يراها المشاهد تبديلًا شكليًا، لكن اللعب يقرأها عبئًا إضافيًا: من كان يطلب راحة في وديات فيفا سيُتهم اليوم بالتهرّب من تمثيل منتخب بلاده في بطولة رسمية.

صحيح أن ردود الفعل الرسمية لم تنفجر بعد في القارتين، لكن التجربة الأوروبية تقول إن الانفجار مسألة وقت. وحينها، قد لا يجد فيفا مساحة لإدارة الأضرار، لأن الصرخات ستكون من كل الجهات.

مراعاة جغرافية… أم تحسين مُلتبس؟

الاتحاد الإفريقي أعلن نظام دوري الأمم: بطولة سنوية بتقسيم جغرافي (شرق، غرب، شمال، وسط-جنوب) لتخفيف أعباء السفر، على أن تختلط المناطق في نصف النهائي. خطوة تبدو رحيمة على الورق، لكنها تطرح سؤال الجوهر: هل تخدم فعلًا هدف رفع المستوى والاحتكاك؟ التجربة الآسيوية مع نظام الشرق والغرب في دوري الأبطال لا تبعث على التفاؤل.

فرصة ذهبية… للبعض فقط

وسط هذا الاستياء، يلوح جانب مضيء لمنتخبات اعتادت الإخفاق في البطولات القصيرة.

دوري الأمم بنَفَسه الطويل قد يمنحها فرصة تصحيح المسار والتتويج. المثال الأقرب: المنتخب السعودي، صاحب الاسم الكبير دون مردود قاري ثابت في السنوات الأخيرة، رغم زخم دوري روشن. البطولة الجديدة قد تكون مساحة لالتقاط الأثر الحقيقي لهذا الاستثمار.

ولا يقتصر الأمر على السعودية؛ منتخبات بحجم مصر والمغرب والعراق قد ترى في دوري الأمم نافذة لاستعادة أمجاد، إن أُحسن توظيفها فنيًا.

نحو مشجعين أقل… لا أكثر

بعيدًا عن اللاعبين والمنتخبات، هناك طرف يُهمَل باستمرار: المشجّع. جولة واحدة على منصات التواصل تكشف التشبع؛ لم يعد العاشق ينتظر المباراة، لأن الكمّ طغى على الشغف. قد يجذب دوري الأمم الاهتمام في البداية، لكن أثره الطويل الأمد مقلق.

في النهاية، يبدو أن المكاسب التسويقية والتنظيمية تتقدّم الصفوف، بينما يُدفع اللاعب والجمهور إلى الخلف. وإذا كان هذا هو طريق «تطوير كرة القدم»، فربما حان وقت العزوف—لا التصفيق—على الحدث الإفريقي، حتى تُعاد الموازنة بين اللعبة ومن يُحبّونها.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button