أخبارالرئيسيةفي الصميم

إفشال مبادرة لجنة التقصي البرلمانية حول فضيحة “الفراقشية”..إعدامٌ للحقيقة

في مشهد يعكس مدى تغوّل قوى الفساد وقدرتها على إجهاض أي مسعى للمحاسبة، تم مؤخراً إفشال مبادرة لجنة الحقائق والتقصي البرلمانية بشأن فضيحة “الفراقشية”، في خطوة مثّلت صدمة للرأي العام ومؤشراً خطيراً على هشاشة إرادة الإصلاح داخل مؤسسات الدولة.

بقلم: عبدالهادي بريويك

تُعدّ فضيحة “الفراقشية” واحدة من أكبر ملفات الفساد التي هزّت ضمير المواطن، لما تضمنته من شبهة تلاعب بأموال عامة، وسوء إدارة ممنهج، وتورط شخصيات نافذة ظلت تتمتع بحصانة غير رسمية مكنتها من الإفلات من العقاب. وعلى الرغم من المطالبات الشعبية الواسعة بكشف خيوط هذه الفضيحة ومحاسبة المتورطين، جاء إفشال مبادرة التقصي بمثابة طعنة في ظهر الشفافية والعدالة.

فنجان بدون سكر: إفشال مبادرة لجنة الحقائق والتقصي البرلمانية حول فضيحة “الفراقشية”: إعدامٌ للحقيقة وضربة موجعة لجيوب الشعب

التقصي… الذي لم يُسمح له أن يُولد

المبادرة، التي طُرحت في البرلمان كأداة دستورية لممارسة الرقابة على مؤسسات الدولة، حُوربت منذ لحظة ولادتها. فقد واجهت اللجنة عراقيل سياسية ومناورات إجرائية حالت دون مباشرة عملها، بل وجرى تقويض صلاحياتها وإفراغها من محتواها الرقابي. والأنكى من ذلك، أن بعض الأصوات البرلمانية التي يفترض أن تنطق باسم الشعب، انحازت بشكل فجّ إلى صفوف المعرقلين، ما كشف عن تضارب مصالح مريب يثير أكثر من علامة استفهام.

ضياع الحقيقة… وتكلفة الغياب

إن إعدام الحقيقة في ملف بهذا الحجم لا يعني فقط فشل التحقيق، بل هو إعدام لثقة المواطن في مؤسسات بلده. ففضيحة “الفراقشية” لم تكن مجرد حادثة فساد معزولة، بل هي نموذج مصغّر لنمط من الإفلات من العقاب طالما أنه محمي بغطاء سياسي أو مصلحي.

أما عن الخسارة الأكبر، فهي ما سيتكبده الشعب من أموال منهوبة وفرص ضائعة. إذ أن السكوت عن التجاوزات يعزز ثقافة الإفلات من العقوبة، ويدفع ثمنها المواطن البسيط الذي يعاني من تردي الخدمات وتآكل قدرته الشرائية، في وقت يتم فيه تمييع أهم أدوات المساءلة والمحاسبة.

دعوة لا تموت

رغم إسقاط المبادرة، تبقى الحقيقة مطلباً لا يسقط بالتقادم. والمحاسبة، حتى وإن تأخرت، ستظل ضرورة لبناء دولة القانون والمؤسسات. ومن واجب النخب السياسية والمدنية والإعلامية، أن تواصل الضغط لفتح هذا الملف وغيره من ملفات الفساد، التي تمثل اختباراً حقيقياً لمصداقية كل من يتحدث باسم الشعب.

إن مواجهة الفساد لا تكون بالشعارات، بل بإرادة سياسية صلبة، ولجان تقصي حقيقية، وبرلمان لا يخاف من فتح الملفات، مهما كانت كلفتها السياسية. أما إفشال هذه المبادرة، فهو لا يلغي الحقيقة، لكنه يكشف عن حجم القوى التي تخاف منها.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button