خمسون عامًا على رحيل هيلا سيلاسي.. إرث منقسم بين الحداثة والاستبداد

بعد مرور خمسين عامًا على وفاة الإمبراطور الإثيوبي الأخير، هيلا سيلاسي، يظل إرثه مثار جدل عميق في البلاد. فبينما يراه البعض “محدثًا” قاد برامج تنموية في الزراعة والتعليم، ويصفه المؤرخ إيان كامبل بـ”أبو إثيوبيا الحديثة”، يرى آخرون فيه “طاغية” مسؤولًا عن تفضيلات عرقية مجحفة ومجاعة مدمرة حصدت أرواح مئات الآلاف.
سقط الإمبراطور في 12 سبتمبر 1974 بعد حكم دام 44 عامًا، وهو الأطول في تاريخ الإمبراطورية الإثيوبية، ليُنهي حكمه انقلاب عسكري. وبعد عام من ذلك، تعرض للاغتيال في ظروف غامضة. ورغم غياب أي مراسم رسمية لإحياء ذكراه، لا تزال صوره تزين جدران العاصمة أديس أبابا، وخاصة في كاتدرائية الثالوث المقدس، حيث دُفن عام 2000.
يُشير حفيد الإمبراطور، بديميريام ماكونن، إلى أن سيلاسي أسس المؤسسات الحديثة كالشرطة والدستور، لكنه يعترف في الوقت ذاته بأخطاء حكمه، لا سيما سوء إدارته لمجاعة 1973-1974. فقيادته الاستبدادية حالت دون وصول النقد الصادق إليه. وقد تسببت سياسته العرقية في تعزيز هيمنة عرقية الأمهرة، مما غذى توترات عرقية لا تزال تعصف بالبلاد حتى اليوم.
ورغم كل التناقضات، لا يزال هيلا سيلاسي رمزًا حيًا في الوعي الجمعي. فبالإضافة إلى دوره في مكافحة الاستعمار وتأسيس الاتحاد الأفريقي، يُنظر إليه في الثقافة الراستافارية على أنه “المسيح الأسود”. إرثه يبقى معقدًا، فهو يمثل في آن واحد فخرًا بالحداثة وذكرى لعهد من الانقسامات.



