بقلم/ باسل الخطيب
وعسى أن تكرهوا شيئاً….
أو دعونا نُترجمها إلى لغتنا المحكيّة (رُبّ ضارّةٍ نافعة)….
دعونا نطرح السؤال التالي؟…
هل تحتاج الشّمس دليلاً على وجودها؟؟!!..
400 يوم ونيف، أبو عبيدة ينادي كل مسلمي العالم أن يناصروا شعب غزة، المذبحة كانت تُنقل على الهواء مباشرة…
النتيجة؟…
ما قاله مظفر النواب: تتحرّك دكّة الموت وأنتم لا تتحرّكون..
كان يكفي أن يُشير نتنياهو بأصبعه: الأسد يلعب بالنار…
تعالت صيحات التكبير، وصار الجهاد فرض عين…
أين؟…
في سورية…
ضد من؟!…
في رقاب السوريين….
أسموها عملية (ردع العدوان)…
أي عُهر أنتم عليه؟…
وذاك الذي كان يحصل في غزة ما إسمه؟…
أعود وأكرّر السؤال أعلاه، هل تحتاج الشّمس دليلاً على وجودها؟…
مواقع الإرهابيين تنعي قتلاها، هذا من السعودية، وذاك من تونس، وذاك من أوزبكستان، وآخر من الشيشان…
نعم، هناك قاعدة فقهية تقول (لا حاجة لتفسير المُفسّر)… وهل يحتاج الأمر توضيحاً أكثر ممّا هو واضح؟؟!!..
هذه حرب بين آل الحق، وهُم قلّة، ورهط الباطل، وهُم كثرة، وما كانت الكثرة يوماً ما إلا مذمومة في القرآن الكريم…
في ذاك الرّهط يصطفّ كل أبالسة الأرض، فيهم من يُخطّط، من يدير، من يُموّل، من يُسلّح، ومن يُنفّذ…
القاسم المشترك الأكبر بينهم أنهم كلّهم من نسل قابيل…
يتقدّم الرّهط تنفيذاً وحطباً كل إسلاموي ومتأسلمي هذه الصحراء التي تمتد من جاكرتا إلى طنجة…
نعم، فجأة -وقد اختفت لعدّة أعوام- عادت الملائكة لترتدي البدلة العسكرية، عادت حور العين، وعادت صيحات الله أكبر، وعادت عبارات من قبيل (ما خرجنا إلا لنصرة هذا الدّين)، وصار مُنى الجميع أن يتناول العشاء مع السيّد الرسول عليه الصلاة والسلام في الجنة…
400 يوم ونيف غزة تُذبح بالمعنى الحرفي للكلمة، تُذبح وبالتصوير البطيء، لم تحصل غزة من تلك الصحراء ولو على دعاء واحد…
قلتُ أعلاه (رُبّ ضارة نافعة)، نعم، هذه الأيام للوقوف مع الذات ومراجعة سياسات الأعوام الخمس السابقة، وفيها الكثير ممّا يحب مراجعته، وتحديداً الأولويات وإعادة تعريف الذات الوطنية، ولكن هذا إلى حين، الأمر الآن للميدان….
لطالما عرف السوريون كيف يُحيلون المِحن إلى مِنح، هذا درس قاسي تلقّيناه، وجولة خسرناها، ولكن الحرب سِجال، والأيام دول، وهذه ليست إلا معركة، و الرهان على رجال الحق، على الجيش العربي السوري….
يحتاج الأمر منك أحياناً أن تتراجع لكي تكون انطلاقتك لاحقاً أقوى وأشد، نعم، الوضع سيء، ولكن هكذا هي الحرب، ولا نملك ترف الخيارات المُتعدّدة، إما أن ننتصر أو ننتصر، هذه ليست من صنف الحروب التي تنتهي بوقف إطلاق النار، هذه حرب وجودية، لا حلول وسط فيها…
نعم، هذه حرب ترسم خريطة العالم للخمسين عاماً القادمة، ولأنها كذلك سيكون حلفاء وأصدقاء سورية إلى جانبها في هذه الحرب إلى أقصى حد..
هي أيام وليالي عصيبة سنعرفها، قد عهدنا أقسى منها سابقاً، وهذه هي المناسبة ليستخرح كلُّ منّا أقصى ما فيه، وأقوى ما فيه، وأفضل ما فيه، كلّنا يُحب أن نكون مشاركين في هذه المعركة بطريقة أو بأخرى، فعلى المحك ما هو أكبر من قرية هنا او مدينة هناك، على المحك حاضرنا ومستقبلنا…
وقطعاً سننتصر….