أخبارأخبار سريعةجهات المملكة

مأساة النقل المدرسي بتاونات.. حياة تلميذة ضاعت بسبب إهمال لا يغتفر

فاس/ حنان الطيبي

في لحظة مأساوية، سقطت حياة تلميذة صغيرة في إقليم تاونات، ليس بسبب حادث مفاجئ، بل نتيجة إهمال مستمر، وتقصير كبير، واستمرار سياسة التسويف التي لم تجد لها تفسيرا سوى غياب المسؤولية..صفاء، تلك الطفلة التي كانت تحمل في قلبها حلما مستقبليا، كانت ضحية للاكتظاظ المذل في حافلة مدرسية لا تليق حتى بحمل الحقائب، فما بالكم بحمل أحلام تلاميذ صغار! حادث سقوطها من الحافلة في جماعة الرتبة، ثم دهسها على يد شاحنة، ليس سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من الإهمال في مجال النقل المدرسي، حيث لا يبدو أن هناك من يهتم بما يحدث.

نعم، من المسؤول عن قتل أحلام هؤلاء الأطفال؟ من المسؤول عن تركهم يواجهون مصيرهم على حافة الطرقات في حافلات مكشوفة للمخاطر؟ في تاونات، وعبر العديد من الأقاليم المغربية، تحولت الحافلات المدرسية إلى معركة حقيقية على الحياة.. تحشر الأرواح الطرية فيها كما لو كانت مجرد أرقام في عملية حسابية لا يعنيها سوى استهلاك الحد الأدنى من الخدمات، ولا يحترم أبسط حقوق الأطفال في العيش بسلام.

هذه ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي صورة متكررة لما يعانيه التلاميذ في المغرب، وخصوصا في المناطق المهمشة مثل إقليم تاونات..، كيف يمكن لحكومة، أو مسؤولين محليين، أن يغضوا الطرف عن هذا الفشل الذريع في توفير أسطول نقل مدرسي آمن؟ كيف لهم أن يتقبلوا أن أرواح الأطفال تزهق بسبب الاكتظاظ في حافلات لا تصلح حتى لنقل السلع والبضائع؟ فما بالك بالأرواح الآدمية البريئة؟!.. هذا هو السؤال الأهم بعد هذه الحادثة التي أودت بحياة صفاء، ولكن يبدو أن الإجابة عليه مفقودة في دهاليز المكاتب المغلقة.

إنه أمر لا يطاق أن ترصد ميزانيات ضخمة لفعاليات غير مجدية، بينما يحرم الأطفال من وسائل نقل تضمن لهم العودة سالمين إلى منازلهم بعد يوم دراسي شاق، لماذا لا تجد السلطات المحلية الوقت الكافي لتخصيص موارد كافية لتحسين أسطول النقل المدرسي؟ لماذا يستمر هذا الاستهتار بحيواتهم، وكأن هؤلاء الأطفال مجرد أرقام تضاف إلى إحصاءات الحوادث السنوية؟

إذا كانت حياة الأطفال في نظر المسؤولين مجرد تفاصيل هامشية، فإن أرواحهم ليست كذلك في نظر المجتمع المدني الذي بدأ يغلي من الغضب..، وليس من المبالغة القول إن هذه الحادثة هي جرس إنذار يجب أن يفهم جيدا، فقد حان الوقت لإيقاف هذا العبث بحياة التلاميذ والحياة البشرية، كما حان الوقت للضغط على الجهات المعنية لتحسين النقل المدرسي وتوفير أسطول يناسب عدد التلاميذ والطلبة بشكل عام، ويضمن لهم رحلة آمنة بعيدا عن حافة الموت.

إن استثمار الأموال في تطوير أسطول النقل المدرسي أولى من أي نوع من “الاستثمارات الثقافية” التي غالبا ما تكون مجرد ذرائع لتبديد الأموال العامة.. فهل هناك من أولوية أكثر من حماية حياة أطفالنا؟ الإجابة على هذا السؤال هي ما يجب أن تحمله أفعال المسؤولين وليس كلماتهم، لأن حياة صفاء ليست مفردة في سلسلة من ضحايا الإهمال.. فكل تلميذ في تاونات، وكل طفل في المناطق المهمشة، يحمل في قلبه حلما يجب ألا يتحطم عند أول عقبة، ولا يجب أن تذهب حياته سدى بسبب نقص في الحافلات أو ضعف في الرقابة.

حان الوقت لأن نرفع الصوت عالياً: الأطفال ليسوا سلعة رخيصة يمكن التضحية بها لأسباب غير منطقية!, كل يوم تأخير في اتخاذ الإجراءات، يعني حياة أخرى تفقد، وحلما آخر يدفن!. إن كانت هناك من دروس نحتاج أن نتعلمها من حادثة تاونات، فهي أن الإهمال في حق الأطفال لا يمكن أن يغتفر، وآن الأوان لأن يتحمل الجميع مسؤولياته كاملة دون تلاعب أو تأجيل.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button