مدرسة الوطن الكبرى.. حيثُ يصبح الحلاق وزير إعلام والدكتور لا يفرّق بين الضمّة والكمّامة!

في الجزائر، لا حاجة لأن تلعب “مونوبولي” لتصبح رئيس تحرير أو بروفيسور. يكفي أن تكون ابن خالة مسؤول، أو جارك سمع صوتك وأنت تقرأ النشيد الوطني بصوت رخيم، ليتحوّل مسارك من نادل في كافيتيريا الحي، إلى محلل سياسي على قناة وطنية يناقش التوازنات الجيوسياسية في القرن الإفريقي!
الإعلام الجزائري، هذا الكائن العجيب الذي وُلد مشوهًا ونشأ على يد عمّة فوضى وخال اسمه “ماشي مشكل”، يشبه كثيرًا قنوات الرسوم المتحركة لكن بدون سيناريو. كل شيء ممكن: مذيع لا يعرف الفرق بين الأمم المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة، ومراسلة تخلط بين شيرين أبو عاقلة وشيرين عبد الوهاب وتبكي بحرقة.
أما اليوم العالمي لحرية الصحافة، فبالنسبة للإعلام الجزائري هو يوم عطلة… لا يُحتفل به لأنهم يعتبرون الحرية مرضًا معديًا! الصحافي يُمنع من تغطية حادث مروري لأنه “يهدد أمن الدولة”، والمصور يُسجن لأنه التقط صورة لبقرة تتجول قرب وزارة الفلاحة.
الجامعة الجزائرية؟ آه الجامعة! مؤسسة علمية عظيمة تُخرّج في سنة واحدة عدد دكاترة أكثر من عدد قرّاء في البلاد. دكتور في العلوم السياسية لا يعرف من هو روسو، وآخر في الأدب الفرنسي يكتب “موليير” بحرف القاف. وما إن يحصل على اللقب حتى يطالب بأن يُنادى بـ”المارشال الأكاديمي”، ويرتدي درع تخرج مزخرفًا بنياشين لم يخترعها حتى الجيش الأمريكي.
الكوميديا السوداء لا تكتمل إلا عندما نكتشف أن هناك مؤرخًا يعتقد أن الأمازيغية مؤامرة من الماسونية، وأن الفينيقيين نزلوا بالمظلات في عنابة، ويصرّ على ذلك على قناة أجنبية وسط تصفيقات الجمهور كأنها حلقة من “Arab’s Got Talent”.
والأنكى؟ حين تُغلق قناة لأنها قالت “أفارقة” بدل “مواطنين أفارقة”، بينما نفس القناة بثت ثلاث حلقات تمجّد فيها كائنًا فضائيًا ظهر في تمنراست ولم يعترض أحد.
لكن لا تقلقوا، الجزائر بخير. فحسب أبو الهول قويجل، هم الآن قوة اقتصادية شاملة، وتنتح الهواء الساخن ببراءة اختراع جزائرية، وتصدره في قنينات عبر ميناء وهمي على كوكب المريخ!
يا سادة، في الجزائر الإعلام ليس سلطة رابعة، بل “بندير” رسمي يُقرع كلما أراد الجنرال أو الشاف يرقّص الشعب على أنغام الوطنية… ويا من تتكلمون عن الصحافة الحرة، هنا الحرية تُمنح حسب الترقية في سلم الولاء، وكل حرف يُكتب، يمر أولًا من مصفاة الأمن ثم من بئر النفط، فإن لم يكن قابلًا للاشتعال… يُرمى في النسيان.



