خطاب إلى الجمال

خطاب إلى الجمال
لا تطلبوا مني أن أراه كما كنا نراه
حين كنا نركض في عوالم الأوهام،
وعيوننا مأخوذةٌ بالوميض
وليس الجوهر.
فيا جمالًا
عذرا فلم أعد أراك كما كنتُ،
حين كنتُ صبيًا
تفتنني الملامح الحادّة،
والانفلات،
والصوت العالي في العيون.
لمّا كنتُ أراك صاخبًا،
مفتوحًا على شهية الضوء،
تتغذى من دهشة العابرين،
ومن رغبتهم في امتلاكك،
ومن اعترافي،
ومن ارتباكي أمامك
كأنك وعد
لا يُمسك،
ولغز لا يُملَك.
أما اليوم،
فأراك صامتًا،
أكثر رسوخا،
وامتلاءً،
وحضوراً،
لا تطلب اعترافًا،
ولا إثباتا،
ولا تنتظر تصفيقًا،
ولا أن يراك الجميع.
أنتَ كما كنتَ دائما:
ساكناً،
عميقا،
نبيلا،
تعرف نفسك،
وتعتني بها،
لا تتكئ على مرآة،
ولا تستعير ضوءًا من أحد.
تسكن في الخطى الواثقة،
وفي النظرة التي لا تُفشي أسرارها،
وفي اليد التي تمنح دون انتظار.
فيا جمالا، إشهد،
أنني أدرك الآن
أنك لم تتغير،
لكنني كنت…
أنا من تغيّر،
من كنت غافلا عن النواة،
أنا من تعلّمت أخيرًا
أن أراك
كما أنت
حقًا.
هذا ما رأيته يا جمال، فاشهد
عبداللطيف زكي
الرباط، في 29 ماي 2025



