أخبارالرئيسيةفي الصميم

الأديب عبد الله دكدوك فيلسوف الفعل وشاعر الحركة

عبد الله دكدوك، اسم يحمل في طياته أكثر مما يبدو للوهلة الأولى. إنه تركيبة لغوية تتألف من اسم ولقب، هو نداء هادئ للمعنى العميق، وانعكاسٌ حقيقي للروح التي تحملها الشخصية وراء الاسم.

بقلم: الدكتور و الناقد حميد بركي

عبد الله، اسمٌ يحمل عبوديةً خالصة لله، وتواضعًا راسخًا، وكأن صاحبه يقول للعالم: لست إلا عبدًا من عباد الله، لا أعلو على أحد، ولا أزهو بما أملك، بل أضع نفسي في ميزان الخدمة والعطاء، مستسلمًا للحق، عاملًا لما فيه الخير.

أما “دكدوك”، هذا اللقب العجيب المثير للتأمل، فهو أشبه بصوت القطار، صوتٌ لا ينقطع، دالٌّ على الحركة المستمرة، إشارة إلى النفس التي لا تهدأ، والعقل الذي لا يتوقف، والهمة التي لا تعرف الكسل.

حين يجتمع الاسمان في شخص واحد، فإننا أمام شخصية استثنائية، لا تهدأ لها نفس ولا يهدأ لها فكر. عبد الله دكدوك هو صورة للفكر العملي، والنشاط الجمعوي الذي لا يكل، والإعلامي الذي لا يترك زاوية إلا وملأها بالحضور والتأثير.

هو الفيلسوف الثقافي الذي لا يفصل بين الفكرة والفعل، بين التنظير والممارسة، فهو يفكر ويتحرك، يكتب ويتحدث، يحاور ويشارك، يربط بين الثقافة والحياة، ويغرس الكلمة في قلب الشارع كما يغرسها في الورق.

في اسم دكدوك طاقةٌ لغوية تنبض بالحركة، صوتٌ يشبه الأنين الجميل لآلة تسير نحو هدفها رغم الصعاب، وكأن القدر أراد أن يجعل اللقب وصفًا دقيقًا لصاحبه، فصار كأنما سُمي به لأنه كذلك. لا يعرف التوقف، لا يتراجع أمام مشقة، لا يتعب من نشر الوعي، ومن تقريب الفكرة إلى الناس.

هو الذي يفهم أن الثقافة ليست ترفًا، بل مسؤولية، وأن الإعلام ليس مجرد خبر، بل موقف ومبدأ.هذا الرجل لا يقف عند حافة الحدث، بل يدخل إلى عمقه، يتفاعل معه، يصوغه من جديد في قالب فكري وثقافي، يجعل منه مادة للحوار والتأمل.

عبد الله دكدوك لا ينتظر التصفيق، ولا يركض وراء الأضواء، بل يسعى إلى أن يكون في قلب الفعل، في صميم المجتمع، حيث الحاجة إلى التنوير أعظم، وحيث صوت القطار يصبح ضرورة في وجه السكون والجمود.

إنه صورة نادرة للمثقف المتحرك، الذي لا يسكن إلى الراحة، بل يجعل من فكره طاقة تحرك الآخرين، ومن كلمته نبراسًا في طريق التائهين.

وإذا كان الاسم في الثقافات العربية عنوانًا للهوية، فإن عبد الله دكدوك هو الهوية المتحركة، الفكرة التي تمشي على الأرض، العقل الذي لا ينام، والقلب الذي يخفق لكل وجع في أمته.

هو فيلسوف الفعل، شاعر الحركة، ورائد الثقافة الشعبية النبيلة.من يتأمل اسمه يدرك أنه ليس صدفة، وأنه وُهب له ليكون شاهدًا عليه، ومرآة لحقيقته.

عبدٌ لله، لكنه لا يعيش في زوايا العزلة، بل في قلب الناس، ومن أجلهم. وحركيٌّ كالدكدوك، لا يستكين ولا يهدأ، بل يواصل الدرب، مهما طال أو تعثر، مؤمنًا بأن الطريق لمن سارها لا لمن تمنى الوصول.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button