
في قلب مدينة تازة العريقة، وبين أزقتها التي تنبض بالتاريخ، يقف مسجد “لالة عذراء” شامخًا، يُعد من أقدم المساجد بالمدينة إلى جانب المسجد العتيق. غير أن ما يميزه ليس فقط قدمه، بل قصته المؤثرة التي تختزنها الرواية الشفوية المحلية.
يُنسب اسم المسجد إلى لالة عذراء، ابنة يوليان الغماري، حاكم سبتة المعروف، الذي لعب دورًا حاسمًا في فتح الأندلس بتعاونه مع المسلمين، رغم كونه مسيحيًا وموالٍ لملوك القوط. تقول الرواية إن ابنته كانت إحدى ضحايا البلاط القوطي، إذ أُرسلت إلى هناك للتربية، لكنها تعرضت لاعتداء مأساوي جعل العلاقة بين والدها وملوك القوط تتدهور بشكل نهائي.

بعد هذه الحادثة، يُقال إنها لجأت إلى مدينة تازة، حيث وجدت في أهلها ملاذًا ودفئًا. وبعد وفاتها، قام سكان المدينة ببناء مسجد تخليدًا لذكراها، وأطلقوا عليه اسم مسجد لالة عذراء، كنوع من ردّ الاعتبار لما عانته، وتكريمًا لروحها الطاهرة.
إنه أكثر من مجرد مسجد… إنه شاهد على الألم والكرامة، وعلى دور المرأة في صنع الذاكرة التاريخية لمدينة عظيمة كـتازة.
من حق الذاكرة أن تُروى، ومن حق التاريخ أن يُصان.



