Hot eventsأخبارأخبار سريعةالناس و الحياةثقافة و فنمجتمع

اي نصوص أدبية نحتاج في الوقت الراهن؟

إذ أشكر الصديقات والأصدقاء الذين تفضلوا بملاحظات حول طبيعة نصوص نشرتها رأوا أن بعضها مزعج وعن ما نحتاجه من نصوص في زمننا هذا، أرجوهم أن يجدوا في هذا النص المقتضب رأيي في الموضوع وقد نعود له بتفصيل أكثر إن أبدوا اهتماما لذلك.

في زمننا الذي غمره الصخب وتراكمت فيه المسلمات، لا أعتقد أننا نحتاج إلى نصوص مطمئنة، تواسي، تخدر الحواس ببلاغة متقنة أو حبكات بارعة. بل إلى نصوص تقتحم الوعي وتفتح فجوة بين القارئ وما ظنه يقينا، نصوص تهز، تخلخل، تجرّ القارئ إلى الداخل، إلى تلك اللحظة المربكة التي لا يعود فيها شيء كما كان.

أرى أننا نحتاج إلى نصوص تحفر في العمق، حيث يختلط الذهني بالنفسي المجتمعي، ويتصارع الموروث مع التجربة الفردية. نصوص تكشف مأساة المفكر المحاض، ليس النبي المعصوم، بما ورثه وتعلمه وما لم يعد قادرا على تصديقه، لا تكون فيها الأزمة أزمة فهم، بل أزمة اعتراف: اعتراف الفرد بحرية عقله في فضاء يقدس النصوص ولا يحتمل تأويلها، واعترافه بحقه في الشك، وتطرح عليه سؤالاً لايُترك له مهرب منه.

هل يملك حرية التفكير؟ أم أن كل محاولة للسؤال تُعد خروجًا على النص والجماعة والتاريخ وكل بحث زندقة وكل تأويل ردة؟

نصوص إن اومضت مشاهدها بمصطلحات في خلفية ذاكرة التاريخ المعقدة – لا باعتبارها ألفاظًا لغوية، بل أحكامًا وجودية تنزل على من جرؤ على أن يسأل، أو على أن يرى العالم من زاوية مختلفة.

نحتاج إذن إلى نصوص لا تُقرأ لتسلي ولتنسي، لا نصوصًا للراحة، بل للاختناق الجميل. الاختناق الذي لا يُميت، بل يولد. الاختناق الذي يجعل القارئ يتنفس من رئته الخاصة لا من رئه الجماعة؟

نصوص تُعاش كتجربة وجودية كاملة، تضع القارئ في مواجهة ذاته، وتتركه بين احتمالين مرعبين: أن يكون عالقًا في كابوس أبدي، أو أن يكون الكابوس ذاته جزءًا من يقظة زائفة.

عبد اللطيف زكي
الرباط، في 10 يونيو 2025

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button