حزب زوما يعترف بمغربية الصحراء

في تحول لافت داخل المشهد السياسي الجنوب إفريقي، عبّر حزب “أومكونتو ويسيزوي” المعارض، الذي يتزعمه الرئيس السابق جاكوب زوما، عن تأييده لمبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، تحمل دلالات كثيرة، خاصة أنها تناقض النهج التقليدي لحزب “المؤتمر الوطني الإفريقي” الحاكم، الذي لا يزال متمسكاً بدعمه لجبهة “البوليساريو” الانفصالية وتحالفه الإيديولوجي مع الجزائر.
– تنامي الوعي السياسي والواقعية في جنوب إفريقيا
يرى مهتمون أن هذا الموقف يعكس تنامي الوعي السياسي في أوساط النخب الجنوب إفريقية وجنوحها نحو الواقعية السياسية وتغليب المصالح الوطنية. سبق لعضو اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الإفريقي، أوبيد بابيلا، أن أجرى زيارة إلى المغرب دعا من خلالها إلى تعزيز التعاون، وهو ما دفع الحزب إلى تجريده من كامل مهامه ومسؤولياته الحزبية.
– “أومكونتو ويسيزوي”: قوة صاعدة ذات تأثير كبير
في هذا الصدد، قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إن “حزب أومكونتو ويسيزوي يُعتبر قوة معارضة صاعدة في المشهد السياسي الجنوب إفريقي؛ بالنظر إلى المسار السياسي والنضالي الحافل لجاكوب زوما، زعيم الحزب والرئيس السابق لجنوب إفريقيا، والقيادي السابق في الحزب الحاكم المؤتمر الوطني الإفريقي”.
وأضاف البراق، في تصريح لـ”هسبريس”، أن “هذا الحزب المعارض، وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزم على ضوء القضايا المتعلقة بالفساد وسوء الإدارة الاقتصادية، يمكن اعتباره قوة سياسية قادرة بشكل كبير على التأثير في نتائج الانتخابات الوطنية والمحلية؛ مما قد يؤدي إلى تغييرات في التوازنات السياسية القائمة في جنوب إفريقيا، وربما يُجبر الحزب الحاكم على إعادة تقييم استراتيجيته وتحالفاته”.
– دعم لموقف المغرب: عزل للأطروحة الانفصالية وتعزيز للشرعية الدولية
وتابع البراق أن “دعم هذا الحزب لسيادة المغرب على الصحراء له أهمية بالغة بالنسبة للمغرب على مستويات عديدة؛ فجنوب إفريقيا لطالما كانت من أبرز الدول الإفريقية الداعمة لجبهة البوليساريو والمعترفة بـ’الجمهورية الوهمية’. لذا، فإن مساندة حزب مؤثر مثل ‘أومكونتو ويسيزوي’ للموقف المغربي تؤكد عزلة الأطروحة الانفصالية، وتشير إلى تراجع دعم ‘البوليساريو’ داخل القارة الإفريقية”.
كما يبعث هذا الموقف برسالة سياسية واضحة مفادها أن الموقف الجنوب إفريقي من قضية الصحراء ليس موحداً، وأن هناك أصواتاً داخلية مؤثرة ترى في مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية حلاً واقعياً. وأبرز الخبير الدولي أن “هذا المستجد يعزز الشرعية الدولية لموقف المغرب، ويُضاف إلى سلسلة الاعترافات المتزايدة بمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتبارها الحل الأساس للنزاع الإقليمي المفتعل”. وأشار إلى أنه “من الممكن أن يؤثر هذا التحول في ديناميكيات اتخاذ القرار السياسي في بريتوريا. والأهم من ذلك هو أنه يفتح هذا الدعم الباب أمام بناء تحالف استراتيجي مع المغرب؛ مما يمكن أن يعزز التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين ويخدم المصالح المشتركة”.
– انقسامات داخل النخبة السياسية وتوقعات بتغيير السياسة الخارجية
وسجل البراق أن “هذا الموقف يخالف بوضوح نهج الحزب الحاكم، الذي دأب على مساندة جبهة البوليساريو؛ مما يوحي بوجود انقسامات وتيارات فكرية جديدة بدأت تفرض حضورها داخل النخبة السياسية الجنوب إفريقية بخصوص قضية الصحراء”. كما يضيف ترؤس الرئيس السابق جاكوب زوما للحزب، وهو شخصية ذات ثقل وتأثير كبيرين بمسار كفاحي ونضالي متميز، بعداً إضافياً لهذا التحول، بشكل يؤكد أن هذا التحول ليس مجرد موقف عابر مبني على حسابات انتخابية أو سياسية، بل يعكس توجهاً جديداً لجزء مهم من النخبة السياسية الجنوب إفريقية.
ورجّح البراق أن “يسهم حزب ‘أومكونتو ويسيزوي’ فعلياً في تغيير السياسة الجنوب إفريقية تجاه قضية الصحراء في حال صعوده السياسي وتصدره نتائج الانتخابات المقبلة، حيث تسعى الأحزاب الصاعدة عادة إلى تغيير السياسات التي يتبعها الحزب الحاكم، وتُعدّ إعادة النظر في المواقف الخارجية جزءاً من هذا التغيير”. وقد يرى الحزب أن دعم “البوليساريو” لا يخدم المصالح الوطنية لجنوب إفريقيا، وأن إقامة علاقات قوية مع المغرب، كقوة إقليمية في شمال إفريقيا، يمكن أن يجلب منافع اقتصادية وجيوسياسية للبلاد.



