في خطوة تصعيدية تعكس حجم الاحتقان داخل الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة، وجهت المنظمة الديمقراطية للشغل، بصفتها النقابة الأكثر تمثيلية بالمؤسسة، شكاية رسمية إلى مدير الوكالة الوطنية للتسيير الاستراتيجي و تتبع نجاعة أداء المؤسسات العمومية، تطالب فيها بفتح تحقيق عاجل في ما وصفته بـ”الخرق الفاضح لمبادئ الحياد و تكافؤ الفرص”، الذي شاب عملية انتقاء داخل مديرية البث.
و تعود تفاصيل القضية إلى المباراة رقم 11/2024، التي نظمت لانتقاء رئيس مصلحة الصيانة بمديرية الاستغلال و الصيانة، حيث سجل المكتب النقابي بقلق شديد مشاركة المدير المباشر للمديرية، في لجنة الانتقاء، رغم كون زوجته إحدى المرشحات للمنصب.
و اعتبرت النقابة في شكايتها أن هذا الوضع “يمثل تضاربًا واضحًا في المصالح، يُفقد العملية مشروعيتها الأخلاقية والقانونية، و يقوض مبدأ الحياد الذي يُفترض أن يؤطر لجان التباري داخل المؤسسات العمومية”.
و لم تقف الشكاية عند هذا الحد، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك، حيث نبهت إلى وجود سوابق مماثلة في مباريات سابقة عرفتها المؤسسة خلال السنوات الأخيرة، ما يؤشر على خلل بنيوي في حكامة تدبير الموارد البشرية، و يطرح تساؤلات جدية حول مدى احترام الشركة للمعايير التي تضعها الدولة في إطار النجاعة والمردودية.
وفي هذا السياق، أشارت النقابة إلى أنها سبق أن راسلت السيد الرئيس المدير العام للشركة، في مناسبات سابقة، منبهة إلى سوء تدبير و تسيير الموارد البشرية، بما في ذلك الطريقة غير المنصفة التي تُدبر بها امتحانات الكفاءة المهنية الخاصة بالعاملين، دون أن تجد تلك المراسلات أي تجاوب فعلي يعكس إرادة الإصلاح.
و طالبت المنظمة الديمقراطية للشغل، في ذات المراسلة، بـ:- فتح تحقيق إداري نزيه و مستقل؛- وقف أي مسار إداري تم تحت تأثير تضارب المصالح؛- ربط المسؤولية بالمحاسبة انسجامًا مع توجهات الدولة في تخليق الحياة العامة داخل المؤسسات العمومية.
و تأتي هذه الشكاية بعد سلسلة تراكمات و ممارسات تعتبرها النقابة ممنهجة، مما يجعل تدخل الوكالة الوطنية للتسيير الاستراتيجي اليوم أكثر من ضرورة، لضمان احترام مبادئ الحكامة الجيدة داخل مؤسسة إعلامية وطنية يُفترض أن تكون قدوة في الشفافية و الحياد المؤسساتي.
