Hot eventsأخبارأخبار سريعةإفريقياجهات المملكةسياسةمجتمع

العيون.. حيث الاقتصاد يرسخ السيادة: المغرب يعيد رسم خارطة نفوذه الإفريقي

في خطوة تتجاوز الطابع البروتوكولي وتدخل في عمق التحولات الجيوسياسية التي تعرفها القارة الإفريقية،احتضنت مدينة العيون المنتدى البرلماني للتعاون الاقتصادي بين المغرب ودول المجموعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا (سيماك).هذا اللقاء لم يكن تكرارا لعبارات من قبيل “الشراكة جنوب-جنوب” و”الرؤية الملكية”بل جسد تحولا نوعيا في تموقع المملكة داخل القارة،حيث تصبح العيون بوابة مغربية نحو عمق إفريقيا اقتصاديا -سياسيا ومؤسساتيا.

– العيون.. من رمزية السيادة إلى مركز استراتيجي
انعقاد هذا المنتدى في قلب الصحراء المغربية لم يكن اختيارا عشوائيا،بل يحمل رسالة سياسية واقتصادية مزدوجة: أولا تأكيد مغربية الصحراء بشكل عملي لا لبس فيه وثانيا إظهار العيون كمنصة انطلاق نحو شراكات تنموية حقيقية تتجاوز منطق الشعارات. مشاركة برلمانيين وفاعلين اقتصاديين من ست دول إفريقية منضوية تحت لواء “سيماك” (تشاد-الغابون-إفريقيا الوسطى-الكاميرون-الكونغو-غينيا الاستوائية) في هذا الحدث يعطي وزنا سياسيا ورسالة واضحة: المغرب ليس فقط مدافعا عن وحدته الترابية، بل مصدرا للتنمية والانفتاح الإفريقي انطلاقا من أقاليمه الجنوبية.

– تحالفات ذكية… واستراتيجية اقتصادية بديلة
رسخ المنتدى واقعا جديدا في علاقات المغرب الإفريقية،حيث لم يعد يعتمد فقط على مشاريع كبرى مثل أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب بل بات يشتغل على بناء “تحالفات ذكية” تضم برلمانات ومقاولات من دول تعاني تحديات التنمية،في إطار منظور تكاملي قائم على المصالح المشتركة.
وتأتي الاتفاقيات الموقعة بين الاتحاد العام لمقاولات المغرب ونظرائه في دول “سيماك” كتعبير عن هذا التوجه الجديد،الذي يزاوج بين الدبلوماسية الاقتصادية والدينامية المؤسساتية بعيدا عن العلاقات التقليدية التي تعتمد على المساعدات أو الخطابات الرمزية.

– الأطلسي.. رهانات جيوسياسية تتجاوز التنمية
من أبرز مخرجات المنتدى دعم المغرب لمبادرة تمكين دول الساحل من منفذ بحري على المحيط الأطلسي في خطوة لها أبعاد استراتيجية عميقة. فالأمر لا يتعلق فقط بتسهيل التبادل التجاري أو تعزيز البنية التحتية،بل بإعادة تشكيل توازنات النفوذ داخل القارة وتوجيه رسالة واضحة لمن يحاول احتكار أدوار الوساطة وفي مقدمتهم الجزائر.
فالمغرب من خلال هذه المبادرة يقول بشكل مباشر: “من يريد التنمية الحقيقية والانفتاح على العالم فبوابته تمر عبر التراب المغربي”.
– الدبلوماسية البرلمانية.. من الهامش إلى قلب الفعل الاستراتيجي
اللافت أيضا هو الدور المتصاعد لمجلس المستشارين،الذي لم يعد مجرد مؤسسة تشريعية بل أصبح فاعلا دبلوماسيا حقيقيا . مشاركته في تنظيم المنتدى وترؤسه أشغاله يعكس انتقال البرلمان المغربي من موقع المتفرج إلى طرف مؤثر في صناعة التوجهات الإفريقية للمملكة.
هذا التحول يعكس إدراكا عميقا بأن التموقع الإفريقي لا يصنع في الكواليس فقط بل يصاغ في الميدان من خلال أدوات مرنة ومؤسساتية مثل الدبلوماسية البرلمانية.
المنتدى لم يكن مجرد محطة نقاش أو إصدار توصيات.بل كان إعلانا صريحا عن تحوّلغ مدينة العيون إلى نقطة ارتكاز جديدة في سياسة المغرب الإفريقية لا باعتبارها رمزا للوحدة الترابية فقط،بل كبوابة للتمدد الاقتصادي -التأثير الجيوسياسي وصناعة الشراكات جنوب-جنوب من موقع القوة والندية وليس المجاملة أو الانتظارية.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button