لم يعرفوك

لم يعرفوك
كل من تغنّى
بسحر العيون،
وبشرةٍ من عاج،
وأعناقٍ مرمرية،
وشفاهٍ عطشى
بلون الكرز،
والذي أذهلته هيفاءُ مقبلة
أو عجزاءُ مدبرة،
والذين شغلتهم ليلى وبثينة،
عزّة، لبنى، عفراء—
لم يعرفوك.
لو عرفوك،
لكانوا صمتوا عن فِتنهم،
ولخانوا ما وعدوا.
كنتِ
بِلّورًا على نور،
على لهبٍ وجمر.
كنتِ رأيًا صريحًا،
كلمةً قاطعة،
صوتًا يشقّ الصمت،
صدرًا أعزل،
وسنينَ
خلف قضبان من حديد.
كل من غنّى لحبيب،
أو تحدِّى رقيبٍ،
أو بكى وطنًا سليبًا،
واحتمى بشمسٍ،
أو هلالٍ وصليب—
لم يعرفوك.
لو عرفوك
لأقلعوا،
ولكنتِ
النهرَ والصبيب،
القِبلةَ،
والقدر الرهيب.
جاء النعي،
ولم يُسمع له نحيب.
غطّى الصخبُ الغليان،
وطار العقابُ
لزمنٍ مريب.
وغاب الغراب
في أفقٍ غريب،
وانطفأت أحلامُ العهد القريب.
تقدّم الطابور،
ولم يكن مهيبًا،
وهوى القول،
وانشطر.
لم يبق من يجمعه… لبيب.
أما المرآة،
فلم يطلّ منها
سوى وجهٍ كئيب.
ومن داخل الجدار،
أطلت عيونٌ تصرخ،
وهطلت دموع
تحفر مجرى في الصخر.
أناملُ
تكتب في الهواء
حكاية عشق
لم يكتمل،
وأقدام
تنفض سلاسل من مسد.
تداعى الجدار،
فصار غبارًا
تنثره الريح…
ويغشى الظلام.
عبداللطيف زكي
الرباط، في 21 يونيو 2025



