الاقتصاد الأمريكي ينكمش 0.5% بالربع الأول 2025

شهد الاقتصاد الأمريكي انكماشاً مفاجئاً في الربع الأول من عام 2025، مسجلاً انخفاضاً بنسبة 0.5% على أساس سنوي، متجاوزاً التوقعات السابقة التي رجحت انكماشاً طفيفاً بنسبة 0.2%. يُعزى هذا التراجع في النمو الاقتصادي إلى ضعف الإنفاق الاستهلاكي وارتفاع حجم الواردات قبل تطبيق الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
أوضح مكتب التحليل الاقتصادي التابع لـوزارة التجارة الأمريكية أن مراجعة البيانات أظهرت تباطؤاً في إنفاق المستهلكين إلى 0.5% فقط، مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 1.2%. أدى هذا التراجع الحاد إلى انخفاض التقدير النهائي لـالناتج المحلي الإجمالي، في حين بلغ نمو الطلب المحلي 1.9% فقط بدلاً من 2.5%.
كما يعود جزء كبير من هذا الانكماش إلى سلوك الشركات التي سارعت إلى تخزين السلع المستوردة قبل فرض الرسوم الجمركية الجديدة، مما أدى إلى اختلال في الميزان التجاري وتشوهات في حسابات الناتج المحلي.
رغم الانكماش المسجل، تشير توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا إلى إمكانية تعافي اقتصاد أمريكا في الربع الثاني من العام، مع نمو متوقع يصل إلى 3.4%. لكن محللين اقتصاديين يحذرون من أن هذا الانتعاش قد لا يعكس تحسناً حقيقياً، خاصةً مع تسجيل تباطؤ في مبيعات التجزئة وضعف في سوق العقارات واستقرار سلبي في أرقام التوظيف.
من المتوقع أن تُظهر البيانات المنتظرة لشهر يونيو تباطؤاً حاداً في إنفاق المستهلكين، وهو الأدنى منذ بداية العام، رغم اقتراب التضخم من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%. وهذا يشير إلى أن ثقة المستهلكين قد تتراجع بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة، مما يضع صانعي القرار النقدي في موقف صعب بين دعم النمو وكبح التضخم.
يُذكر أن الاقتصاد الأمريكي كان قد سجل نمواً بنسبة 2.4% في الربع الرابع من عام 2024، مما يعكس تبايناً حاداً في الأداء الاقتصادي بين الفترتين. ويرى خبراء الاقتصاد أن هذا التراجع يشير إلى بداية مرحلة من التقلبات الاقتصادية التي قد تمتد إلى بقية العام، في ظل عوامل داخلية وخارجية ضاغطة.
الاقتصاد الأمريكي حالياً عند نقطة تحول حرجة، حيث يواجه تحديات داخلية مثل تباطؤ الإنفاق وارتفاع الواردات، مع ضغوط خارجية ناتجة عن التوترات السياسية والاقتصادية العالمية. وفي حين يُنتظر أن يقدم الربع الثاني أداءً أقوى نسبياً، إلا أن الضبابية العامة التي تهيمن على الأسواق قد تُبقي مسار التعافي مضطرباً.
أكدت كريستالينا غورغييفا، مديرة صندوق النقد الدولي، أن التضخم في الولايات المتحدة يواصل تباطؤه، إلا أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي لا يزال متردداً في خفض أسعار الفائدة. ويعود ذلك إلى استمرار قوة سوق العمل وزيادة الأجور، وهي عوامل تسهم في مرونة الإنفاق الاستهلاكي، رغم التحديات الاقتصادية.
كذلك تُضاف الاضطرابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط إلى قائمة التحديات التي تواجه الاقتصاد الأمريكي، حيث تسببت في ارتفاع أسعار النفط عالمياً، مما يؤثر بشكل مباشر على قدرة الأسر الأمريكية على الإنفاق. ووفقاً لمحللي بنك “مورغان ستانلي”، فإن استمرار هذه التوترات قد يؤدي إلى تفاقم تباطؤ النمو الاقتصادي في النصف الثاني من العام.



