Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين العقل

ديمقراطية أم فوضى؟!

بقلم:الاستاذ مولاي الحسن بنسيدي علي

انتهت المعركة… أعني “المؤتمر الحزبي”، وتطايرت الكلمات كما تتطاير أوراق الأشجار اليابسة في رياح الخريف، أو لِنَقُل كما تتطاير الوعود في موسم الانتخابات. خرج المترشح الأول يبتسم ابتسامة عريضة تكاد تكشف عن آخر طواحين عقله، فيما الثاني بدا كمن انتُزع لتوّه من حفلة شواء سياسي دون ملح، ومع ذلك، عانقا بعضهما البعض كما يفعل الملاكمون بعد النزال… لا حبًّا، بل لأنها عادة تلفزيونية لا أكثر!

في الكواليس، وُزعت المشروبات الغازية والمرطبات كما تُوزّع المناصب في الحكومات الائتلافية: بنوع من المجاملة الباردة والمصالح المسكوت عنها. أما الجمهور… ذلك “الكائن الطيب” الذي صرخ حتى احمرّت وجوهه وازرقت أعلامه، فقد عاد إلى بيوته مثقوب الجيب، مثقوب القناعة، ومثقوب القميص كذلك بعد أن تشاجر مع أخيه في “الوطنية” حول من الأجدر بالتصفيق.
ولم يتذوق من الكعكة

ولتهدئة النفوس التي بلغت الحناجر، خرج المخرج السياسي ـ لا من خلف الستار، بل من وراء الميكروفونات “منتفخ الاوداج” ـ قائلاً: “هكذا تكون الديمقراطية يا سادة! مشهدٌ حيّ يعكس حرية التعبير وحرارة التنافس!”… ونسي أن يقول إنها كذلك تعكس ارتفاع ضغط الدم، وتورم في الحناجر، واحتقانًا في العلاقات الاجتماعية.

في لحظة تأمل وُجدتني أسترجع حكاية المرحوم أحمد بوكماخ استاذ الأجيال في سلسلة “اقرأ”، عندما حلق الحلاق رأس زبونه على هيئة خريطة الحرب العالمية الثانية، ورسم له “فاطمة” على قفاه، فركض الزبون في السوق صارخاً: “لعن الله السياسة والسياسيين ومن جلس إليهم!”

نعم، فالسياسة في بلادنا العربي لا تزال تُمارس بنفس الأدوات: مقص، موسى، قليل من الرغوة، وكثير من الضجيج. وبينما يحلق المواطن رأسه على أمل “تصفيفة جديدة” في كل موسم انتخابي، لا يجد في النهاية سوى نفس الخريطة: رؤوس تتغير وشعوب تُحلق.

في ختام المشهد، لا يسعنا إلا أن نرفع القبعة، لا للمترشحين، بل للمواطن البسيط الذي ما زال يؤمن أن في آخر النفق بصيص نور، رغم أنه كلما تقدم خطوة وجد أن النفق ذاته قد تم تمديده بمرسوم عاجل!

فيا ديمقراطيتنا العزيزة… خفِّي علينا قليلاً، فقد ظنناك حُلماً، فإذا بك “كابوس على الهواء مباشرة”!

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button