تمدد موجة حر غير مسبوقة يعمّق القلق المناخي بالمغرب ويضع مناطق سوس في صدارة درجات الحرارة

يعيش المغرب منذ أمس الثلاثاء على وقع موجة حر شديدة اتسعت رقعتها الجغرافية بشكل غير مألوف، وسط تحذيرات رسمية من مديرية الأرصاد الجوية بضرورة توخي الحذر، في ظل تسجيل درجات حرارة تجاوزت المعدلات الموسمية العادية بفوارق صادمة وصلت إلى 17 درجة في بعض المناطق.
وحسب المعطيات الرسمية الصادرة عن المديرية العامة للأرصاد الجوية، فإن موجة الحر الحالية ناتجة عن امتداد المنخفض الصحراوي نحو المناطق الداخلية والوسطى، ما أدى إلى ارتفاع حاد في درجات الحرارة التي تراوحت ما بين 42 و47 درجة مئوية في عدد من الجهات، مع تسجيل ذروة قياسية وصلت إلى 46 درجة مئوية في منطقتي تارودانت وأكادير المسيرة.
وفي هذا السياق أكد الحسين يوعابد، مسؤول التواصل بالمديرية، أن هذه الموجة تُظهر “تمددًا جغرافيًا واسعًا” يشمل مناطق متعددة من الجنوب الشرقي إلى داخل الأقاليم الجنوبية، مرورا بجهة سوس والسهول الداخلية، وصولاً إلى هضاب الفوسفاط وأولماس ومناطق الأطلس، مما يعكس طابعًا مبكرًا واستثنائيًا للحرارة، مقارنة بما اعتيد عليه في فترة “السّْمايم” التي تبدأ في 25 يوليوز من كل سنة.
وأضاف المتحدث أن درجات الحرارة المرتفعة، التي تجاوزت المعدلات الفصلية بنحو 5 إلى 10 درجات، لا تزال مستمرة، ما يجعل من هذه الموجة واحدة من أكثر الموجات قساوة واتساعًا خلال صيف السنوات الأخيرة.
في السياق ذاته، أفادت التوقعات المحينة بأن الحرارة ستبقى مرتفعة حتى يوم الجمعة، خاصة في السهول الداخلية الوسطى ومناطق وادي ملوية والجنوب الشرقي وداخل الأقاليم الجنوبية، مع توقع انخفاض نسبي مطلع الأسبوع المقبل قبل أن تعود الحرارة للارتفاع تدريجيا.
وقد شملت لائحة المدن الأكثر تضررا من هذه الموجة بني ملال والسمارة (44 درجة)، تليها فاس، سيدي سليمان، ومراكش (41 درجة)، بينما سجلت سطات ووجدة 40 درجة. هذه الأرقام تتجاوز المعدلات الطبيعية بما بين 7 و10 درجات، ما يدل على اتساع رقعة الظاهرة الحرارية بشكل مقلق.ومن تداعيات هذه الأجواء الحارة كذلك، استمرار ظواهر مناخية مرافقة من قبيل السحب الركامية بالأطلس الكبير والصغير، والتي قد تتسبب في أمطار رعدية محلية، إلى جانب احتمال زخات برد وهبات رياح قوية تتسبب في تطاير الأتربة، خاصة في الجنوب والجنوب الشرقي، ما يزيد من صعوبة الأوضاع البيئية والصحية.
ودعت مصالح الأرصاد كافة المواطنين إلى توخي الحذر الشديد، خاصة خلال ساعات الذروة، مع التأكيد على ضرورة شرب الماء بانتظام، وتفادي التعرض المباشر لأشعة الشمس، وتوفير الحماية الكافية للفئات الهشة من أطفال ومسنين ومرضى.
ويأتي هذا التصعيد الحراري في سياق مناخي متأزم تعرفه المنطقة المتوسطية عمومًا، حيث تكررت خلال السنوات الأخيرة موجات حر قياسية ساهمت في تعميق أزمة المناخ وزادت من حدة التحديات المرتبطة بالجفاف وندرة المياه والضغط على المنظومات البيئية.
وبينما يترقب المواطنون انخفاضًا مرحليًا في درجات الحرارة بداية الأسبوع المقبل، تحذر التوقعات الجوية من أن هذه الانفراجة ستكون قصيرة الأمد، إذ يُرتقب أن تستعيد الحرارة منحاها التصاعدي تدريجيًا، في وقت لا تزال فيه مناطق واسعة من المغرب تئن تحت وطأة موجة حر لم تبلغ بعد ذروتها النهائية.
ومع تكرار هذه الظواهر المناخية المتطرفة، يتجدد النقاش حول أهمية تسريع تفعيل سياسات التأقلم مع التغيرات المناخية، وتفعيل خطط وقائية أكثر نجاعة لحماية المواطنين والبنية التحتية، خصوصًا في المناطق الهشة والمعرضة أكثر لآثار الحر والجفاف.



