ما دور المواطن في المشاورات قبل الانتخابات المقبلة؟

مباشرة بعد خطاب العرش الأخير، الذي أكد فيه الملك محمد السادس على ضرورة اعتماد المنظومة المؤطرة لانتخابات مجلس النواب المقبلة قبل متم هذه السنة، عقد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت لقاءات الأول مع الولاة والعمال، والثاني مع ممثلي الأحزاب السياسية.

لقاءات تكشف حجم المسؤولية الملقاة على عاتق وزارة الداخلية التي كلفها الملك بالإشراف الفعلي عليها، باعتبارها مرحلة فاصلة ومرحلة مواصلة التغيير والبناء الذي عرفه المغرب خلال 26 سنة، وهي المرحلة التي تتطلب كفاءات سياسية وتدبيرية قادرة على مواكبة أوراش اقتصادية واجتماعية كبرى.
إن فتح نقاش مبكر حول القوانين الانتخابية سيمكن أكيد من تفادي الارتباك الذي كان يسود في مثل هذه النقاشات في السنوات السابقة، ويكون فرصة لإعداد مُحكم يراعي ما عرفته التجارب السابقة من خلل ومشاكل كانت سببا في وجود نخب عطلت مسار التنمية.
وهنا لا بد من طرح سؤال جوهري حول أهم المقترحات التي وجب ضمها لتفعيل خيار ديمقراطي أفضل وأنجع، وهذا طبعا لن يأتى إلا من خلال الاستفادة من التجارب الديمقراطية السابقة، والحد من الفساد السياسي المستشري، والحد من التهافت حول التزكيات والترشيحات.
ومن أجل تحقيق ذلك، وجب على الأحزاب السياسية اليوم، وبعد خطاب العرش الأخير، أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة اتجاه الوطن والمواطنين، من خلال القطع مع من يرغب في الحصول على مقعد من أجل التستر على جرائم الفساد التي تلاحقه، فاليوم لا مفر من المحاسبة والمساءلة. على الأحزاب السياسية أن تعتمد في اختياراتها لمرشحيها على ميزان ومعيار الكفاءة والعلم، وليس المال، فالبرلمان يحتاج لمن يشرع القانون يخدم مصلحة الوطن والمواطن على حد سواء، وليس إلى من يخدم مصلحته الشخصية والاستفادة من الدعم، كما وقع في ملف “دعم الماشية”، واللائحة طويلة.
على الأحزاب أن تقطع مع مسألة الريع الانتخابي وتدفع الى تعديل المادة 32 من القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم أشغال الحكومة، حتى يتفرغ الوزير لمهامه الوزارية فقط، ولا للجمع مع مهام أخرى سواء رئيس جماعة أو رئيس غرفة.
أن تدفع ايضا بعد عدم السماح للوزراء الذين تم إعفاؤهم الاستوزار مرة أخرى، حتى ولو فاز حزبهم بالمرتبة الاولى في الانتخابات.
كما سبقت الإشارة، تدفع الأحزاب بتعديل المادة 28 من القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، التي تنص على، “ضرورة اعتماد مبادئ الديمقراطية والشفافية في طريق ومسطرة اختيار مرشحيه. وتقديم مرشحين نزهاء وأكفاء وأمناء قادرين على القيام بمهامهم التمثيلية.” وهو ما يجعلنا نطرح العديد من الأسئلة أهمها، هل الاحزاب تقدم فعلا مرشحين نزهاء، أكفاء وأمناء، وواقع المتابعات اليوم تعكس حقيقة المادة المذكورة.
وجب أيضا إضافة شرط المستوى التعليمي عند الترشيح للانتخابات، فلا يمكن إعطاء صفة نائب برلماني لشخص لا يعرف القراءة والكتابة، فقط لأنه من ذوي المال فقط، فهذا يضر أولا بالمؤسسة الدستورية التشريعية، ويضر بمصلحة الوطن والمواطن.. وحال برلماننا اليوم يتحدث عن نفسه من وجود أمثلة هؤلاء الذين لا يفرقون بين الذي والتي..
إن المشاورات التي فتحتها وزارة الداخلية بخصوص الإعداد للمرحلة الانتخابية المقبلة لا ينبغي أن تقتصر او تنحصر فقط على الأحزاب السياسية فقط، بل يجب أن تتوسع وتشرك المواطن في هذه المشاورات، لأن المواطن اليوم يسأل أي مرشح نريد، وهذا لن يكون إلا من خلال الانفتاح على المهتمين. فالمنتخب الذي نريده اليوم جزء لا يتجزأ من ورش الإصلاح الذي يقوده المغرب، فإذا أحسنا الإختيار من خلال وضع شروط ومعايير، أكيد سنتمكن ونسعى إلى تحقيق الأهداف التي سطرها الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير، وأصبح لدينا مغرب يسير بسرعة واحدة تحت القيادة الرشيدة لملك البلاد.



