المغرب بين رهانات الداخل وحضور الخارج

في مشهد وطني ودولي متسارع، يواصل المغرب رسم معالم مرحلة جديدة تتقاطع فيها تحديات السلامة الطرقية مع رهانات التحول الرقمي، وتتداخل قضايا الماء والبيئة مع دينامية السياسة والاقتصاد، فيما تبرز السياحة والصناعة كأوراق رابحة تدعم الحضور المغربي إقليمياً ودولياً، دون إغفال أبعاد الثقافة والعلم والتعليم والدبلوماسية الملكية. إنها لوحة متكاملة من الأحداث، تمتد من تدابير ضبط السير على الطرق، إلى تطور البنية الرقمية، ومن الابتكار في تدبير الموارد المائية إلى جهود التخفيف من مخاطر الحرائق، مروراً بالمشاورات السياسية والإصلاحات الاقتصادية، ووصولاً إلى إنجازات السياحة والصناعة واكتشافات العلم وتوهج الجامعة المغربية، وكل ذلك تحت إشراف ملكي يؤكد مكانة المغرب في علاقاته الدولية.
ففي مجال السلامة الطرقية، شهدت المملكة خلال الأسبوع الممتد من 4 إلى 10 غشت الجاري، مصرع 15 شخصاً وإصابة 2209 آخرين بجروح، إصابات 90 منهم بليغة، وذلك بسبب 1659 حادثة سير داخل المناطق الحضرية، وهو ما يكشف حجم التحدي المطروح أمام السلطات في الحد من حوادث السير.
أما على مستوى التحول الرقمي، فقد أكد وزير الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة أن المغرب يطمح إلى رقمنة 50% من خدماته الإدارية بحلول عام 2026، مما يشكل نقلة نوعية في علاقة المواطن بالإدارة، ويعكس الرغبة في تعزيز الشفافية والنجاعة.
وفي ما يخص الموارد المائية، تم الإعلان عن تجهيز خمسة سدود كبرى بمحطات كهرومائية صغيرة، بطاقة إنتاجية تصل إلى 7,5 ميغاواط، بما يتيح تعزيز الأمن الطاقي والاعتماد على الطاقات المتجددة. كما جرى تقديم عرض حول الإجراءات المتخذة لتأمين تزويد مدينتي وجدة وبركان بالماء الشروب انطلاقاً من مشروع “الناظور – الغرب”، مع برنامج استعجالي لتدبير ندرة المياه في بعض المناطق.
وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الداخلية عن خطة وطنية لمكافحة حرائق الغابات، مع تعزيز الوسائل اللوجستية والبشرية للتدخل الاستباقي والحد من الخسائر البيئية.
ومن الميدان السياسي، تواصل المشاورات حول مشروع القانون التنظيمي للجهات، إذ أكدت وزارة الداخلية أن الصيغة الجديدة تروم تعزيز اللامركزية وتقوية أدوار المجالس الجهوية، في حين أكدت رئاسة الحكومة أن هذا الإصلاح يأتي تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية الداعية إلى ترسيخ الجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي.
وعلى المستوى الاقتصادي، تم تسجيل ارتفاع في قيمة صادرات المنتجات الغذائية المغربية بنسبة 7% خلال النصف الأول من السنة الجارية، وهو ما يعكس متانة القطاع الفلاحي رغم التحديات المناخية.
وفي قطاع السياحة، كشفت المعطيات أن عدد السياح الوافدين على المغرب بلغ 9,2 ملايين سائح إلى حدود نهاية يوليوز، بزيادة 15% مقارنة مع السنة الماضية، مما يكرس موقع المملكة كوجهة عالمية مفضلة.
وفي المجال الصناعي، تم الإعلان عن إحداث وحدة جديدة لصناعة أجزاء الطائرات بالمنطقة الصناعية “النواصر”، باستثمار يناهز 120 مليون درهم، وهو ما يعزز مكانة المغرب كمنصة تنافسية في مجال الصناعات الجوية.
وعلى الصعيد العلمي، تمكن فريق بحث مغربي من اكتشاف جزيئات جديدة قد تسهم في تطوير علاجات مبتكرة لمرض السرطان، مما يبرز قدرات الكفاءات الوطنية في مجال البحث الطبي.
وفي الشأن التربوي، تم الكشف عن نتائج مباراة ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، حيث بلغ عدد الناجحين 15 ألف مترشح، في إطار تلبية حاجيات قطاع التعليم من الأطر التربوية.
أما في المجال الجامعي، فقد تمكنت جامعة محمد الخامس بالرباط من تصدر التصنيف الوطني للجامعات المغربية، وحلت ضمن أفضل 800 جامعة على الصعيد الدولي، مما يعكس الجهود المبذولة في تطوير البحث العلمي والتعاون الأكاديمي.
وفي الساحة الدبلوماسية، بعث جلالة الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى رئيس جمهورية الغابون، ألي بونغو أونديمبا، بمناسبة العيد الوطني لبلاده، جدد فيها حرصه على مواصلة العمل مع الرئيس الغابوني من أجل ترسيخ علاقات الصداقة والتعاون المثمر بين البلدين.
وهكذا، تتعدد الأوراش والإنجازات، بين تحديات يومية واستراتيجيات بعيدة المدى، في مشهد يعكس دينامية المغرب وإصراره على ترسيخ مكانته وطنياً وإقليمياً ودولياً.



