قرار مراقبة سرعة الدراجات زعزع أسهم شركات المحروقات وفضح حقيقة الحكومة المنسجمة

يبدو أن قرار تعليق الحملة المتعلقة بمراقبة الدراجات النارية، والتي أخذت تداعيات متسارعة في الأيام الأخيرة امتعاضا واسعا لدى شريحة كبيرة من المواطنين، قد أخذ منحى سياسيا أكثر منه قرارا إداريا وإجراء إجتماعيا يدافع على شريحة معينة من المواطنين.
فبمجرد صدور قرار التعليق، تعالت الأصوات بكون أن عزيز أخنوش رئيس الحكومة طالب من الوزير قيوح توقيف هذه الحملة، بمعنى آخر أن قرار تعليق الحملة الخاصة بمراقبة سرعة الدراجات النارية رفع من أسهم عزيز أخنوش التي أصبحت تتهاوى بسبب غضب فئة عريضة من الشعب المغربي الذي فقد الثقة في حكومته، حكومة الكفاءات والحكومة الاجتماعية.
قرار التعليق فضح حقيقة الحكومة التي تدعي إنها حكومة منسجمة، والحال يؤكد عكس ذلك، “ما كان لا انسجام، لا سيدي زكري“.
القرار، أيضا، كشف الطريقة التي تدبر بها العديد من الملفات، والتي تسير بمنطق “طلع تاكل الكرموس، نزل شكون قالها لك..”. هذا إضافة إلى سياسة الانتقام الممنهجة التي أصبحت تلاحظ، خصوصا عندما يتعلق الأمر بحزب الإستقلال، دون الدخول في التفاصيل فيما هو مرتبط بالمنافسة السياسية.
لكن دعونا نسلم، أن عزيز أخنوش رئيس الحكومة هو من تدخل وطلب بضرورة تعليق القرار مع إعطاء مهلة لمدة سنة لتسوية الأمور. ودعونا نقول أيضا أن هذا التدخل لا يدخل في خانة حملة انتخابية قبل الآوان، وإن كانت عملية المراقبة، ستخسر رئيس الحكومة اقتصاديا أكثر منها سياسيا، لأن حجز عدد كبير من الدراجات النارية، وتوقيف استيرادها، هذا يعني خسارة مالية على مستوى شركات المحروقات. لكن، وهذا هو الأهم، إذا كان قرار عزيز أخنوش اجتماعيا كما يتم الترويج له في العديد من المواقع والصفحات، وهذا أمر مستبعد، فهنا “سأسكت قليلا” ليس تقديرا واحتراما، وإنما منبها ومعلقا.
إذا كان القرار اجتماعيا، لماذا لا يتدخل عزيز أخنوش في قضية ارتفاع الأسعار التي أثقلت كاهل المواطن المغربي البسيط وقتلت بدون شفقة ولا رحمة الطبقة المتوسطة التي كانت تتحمل الأعباء، حتى أصبحنا نعيش إما الغنى الفاحش، او الفقر القاتل.
وعندما نتحدث عن ارتفاع الأسعار، نتحدث عن أسعار المحروقات أولا التي أصبحت من الطابوهات. أسعار السمك واللحوم والدجاج والخضر والفواكه، “المخطط الأخضر”.
إذا كان اجتماعيا، لماذا لا يتدخل أخنوش رئيس الحكومة، ويعطي تعليماته لإجراء لجنة تقصي الحقائق في الدعم الذي تم تخصيصه للماشية، وهو الملف الذي أصبح معروفا بملف “الفراقشية”، أم أن هاته الفئة تتغطى بغطاء سياسي يسعى جاهدا للتستر على أفعالهم.
إذا كان اجتماعيا، كما يتم التداول، لماذا لا يتدخل رئيس الحكومة ويلغي الساعة الإضافية المشؤومة التي كشفت تقارير صحية أنها تهلك صحة الأطفال، خصوصا ونحن على موعد بداية السنة الدراسية، وأكيد أن سيناريو الإلغاء سيتداول من جديد.. ولماذا لا يتدخل في الصحة، القطاع الذي يعيش وضعا كارثيا، ويبقى مثال السيدة التي حدد لها سنة 2027 كموعد لإجراء السكانير دليل كاف على الوضعية الكارثية لهذا القطاع. أما التعليم فحدث ولا حرج، يتحدثون عن الريادة، ولا يتحدثون عن غياب الإنترنت والملاعب الرياضية بهذه النماذج من المدارس والاعداديات.
إن القرار المتخذ قرار اقتصادي بالدرجة الأولى أكثر منه سياسي واجتماعي، لأنه ببساطة من يفكر دائما في تحقيق المزيد من الأرباح، لا يفكر أبدا في الفئة التي تستهلك.
نختم ونقول ما اجتمعت السلطة والمال إلا وكان الفساد ثالثهما. وتبقى العلاقة بين السلطة والمال جريمة كاملة الأركان.



