الاتحاد الاشتراكي يتيه في مفترق طرق؟

يشهد حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أحد أعرق الأحزاب السياسية في المغرب، ظاهرة متنامية من “هجرة” برلمانييه السابقين، سواء بالاستقالة أو بالترشح تحت يافطات حزبية أخرى. هذه الظاهرة، التي لم تعد حدثًا عابرًا، تثير تساؤلات حول مستقبل الحزب، وتحدياته الداخلية، وموقعه على الساحة السياسية المغربية.
وللتذكير لم تكن استقالات البرلمانيين عن حزب “الوردة” وليدة اللحظة، بل هي امتداد لسلسلة من الانشقاقات والخلافات التي شهدها الحزب على مدى السنوات الماضية. فمنذ عقود، عرف الاتحاد الاشتراكي موجات من الاستقالات، بعضها كان لزعامات تاريخية مثل عبد الرحمن اليوسفي، والبعض الآخر كان على خلفية خلافات حول التوجهات السياسية للحزب أو طريقة تسييره، خصوصا مجموعة القيادات التي غادرت الحزب في السنوات القليلة الأخيرة، احتجاجا على سياسة الكاتب الوطني للحزب ادريس لشكر .
وفي الفترة الأخيرة، برزت عددا من الوجوه الاتحادية البارزة،تفكر في الانضمام إلى أحزاب سياسية أخرى في الانتخابات المقبلة و التي سبق لها أن مثلت الحزب في قبة البرلمان. هذه “الهجرة” ليست مجرد تغيير في الانتماء الحزبي، بل هي مؤشر على عمق الأزمة التي يمر بها الحزب. ففي الكثير من الحالات، يعلل البرلمانيون السابقون قرارهم بالاستقالة أو تغيير الحزب بـ”غياب الديمقراطية الداخلية”، وتغليب “المصالح الضيقة”، وتراجع الحزب عن “مبادئه التاريخية”.
لقد كان الاتحاد الاشتراكي في الماضي رمزًا للنضال من أجل الديمقراطية والمقاومة، وشكّل قوة سياسية فاعلة في المشهد السياسي المغربي. ولكن، مع مرور الزمن وتغير التحديات، يرى بعض مناضليه السابقين أن الحزب قد فقد بوصلته، ولم يعد يمثل التطلعات التي تأسس عليها. وقد أدت بعض المواقف السياسية للقيادة الحالية، سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، إلى تعميق هذه الانقسامات، ودفع بعض المناضلين إلى اتخاذ قرار الابتعاد.
إن ظاهرة “هجرة” البرلمانيين من الاتحاد الاشتراكي لا تؤثر فقط على الحزب نفسه، بل لها تداعيات على المشهد السياسي ككل. فهي تساهم في إضعاف الأحزاب العريقة، وتلقي بظلال من الشك على قدرتها على التجديد والتكيف مع المتغيرات. وفي ظل التحولات التي يشهدها المغرب، يصبح من الضروري على الأحزاب السياسية أن تعيد النظر في هياكلها وتوجهاتها، وأن تفتح المجال أمام الأجيال الجديدة، وأن تستعيد ثقة مناضليها وقواعدها الشعبية.
وفي الختام، يجد الاتحاد الاشتراكي نفسه أمام مفترق طرق حاسم. فإما أن يتدارك أزماته الداخلية ويعود إلى جذوره النضالية والديمقراطية، أو يواجه خطر المزيد من الانشقاقات التي قد تضعه في موقع لا يليق بتاريخه العريق.



