Hot eventsأخبارالرئيسيةفي الصميم

الزفزافي..لنعد سرد الحكاية لتكون لبعض المتنطحين آية

السجن يهذب ، ويرطب ،و عزلته تفتح الباب للمراجعات و تخلق للمرء مع الاحدات و الوقائع مسافات ، فتكون النتيجة التباث على المبدأ وفق ضوابط يحدد فيها المرء منطلقات التفكير برؤية متنورة غير متوثرة ،و مترسخة غير متأثرة و متقلبة .

بقلم: الدكتور سيدي علي ماءالعينين

والدولة لا تحتاج من احد ان يبين لها في اولادها الصالح و الطالح ،ولا تنظر الى ابناءها نظرة التخوين او التآمر ، تماما مثل الأم التي ترى إبنها مهما تغير سلوكه انه ليس هو المسؤول بل الشلة و الرفقة و اولاد الآخرين .

من قال إن مظاهرات الحسيمة في بداياتها لم تكن مجرد مطالب إجتماعية يقودها شباب أحس بأن المدينة تعاني من تعثر في إنجاز المشاريع الملكية ،وتهميش طال فئات إجتماعية خاصة بعد الزلزال الذي ضرب المدينة ؟

ومن قال إن الحسيمة التي أقدم ملك البلاد فيها على خطوة غير مسبوقة بأن أستقر فيها تحت الخيام مع السكان بعد الزلزال ،و أعاد فتح ملف المصالحة مع منطقة لم تكن دوما على ود مع العرش من زمن الحسن الثاني ؟

ولا اريد ان اعود الى احداث الحسمية ولا الى الواقعة المأساوية التي وقعت للشاب فكري رحمة الله ، ولا الى الأخطاء التي ارتكبتها السلطات في تدبير هذا الملف منذ الوهلة الأولى ،

لكن لابد من التذكير بأن جهات خارجية و خاصة من أبناء المنطقة الذي لا تربطهم بالمدينة سوى القراية العائلية والمستقرون بدول المهجر ارادوا للحركة الإحتجاجية ان تخرج من نطاق الوطن لتصبح ورقة لابتزاز الوطن .

الزفزافي قبل أن يكون الزعيم الذي نعرفه اليوم ، و المعتقل الذي يقبع بالسجن مع مجموعة من الشباب ،كان شابا متحمسا مندفعا غير مدفوع ، خطيبا غير ماسك بلغة السياسيين ، وكان في منزلة بين النقابي و المناضل و الثوري و المصلح .

فجأة تحولت الحركة الإحتجاجية الى “حراك” و تحولت مطالب شباب الحسيمة الى مطالب أهل الريف ، و تحول حمل أعلام الريف بحمولتها الثقافية الى تغييب للعلم المغربي و جعل علم جمهورية الريف رمزا سياسيا لا يمكن ان يحمل معنا غير الإنفصال بعد تجريده من حمولته الثقافية و رمزيته التاريخية .

من قال إن ما حدث بالحسيمة كان من تدبير رجل واحد ؟ او من قال انه كان هناك تدبير اصلا ؟

الزفزافي هو إسم ظهر في مظاهرات و تميز بخطابه ومقاربته ،كانت ملامح وجهه وهو يخطب في إنفعال تبرز حجم ما يتعرض له من ضغوطات ليس من من يواجههم بل ممن يمثلهم !!!

فأصبحت احداث الحسيمة محاولة يائسة من جهات داخلية و خارجية ارادت ان تجعل من الشاب حسني رحمة الله عليه هو العزوزي في تونس ، و ارادت ان تجعل من مطلب اسقاط الفساد مطلبا لاسقاط النظام وهم يتحدثون عن العسكر وليس عن الامن ،و عن النظام وليس الحكومة !!!

وكانت اللحظة التي عرت المخطط هي التجمع الخطابي في يوم 6 نونبر ذكرى المسيرة الخضراء ، حين تفتقت عبقرية الشباب او من يتحرك في الخفاء و يستغل الشباب بأن حولوا كلمات أغنية المسيرة الخضراء الى كلمات إحتجاجية عن اوضاع المنطقة و غنتها الجموع بنفس اللحن في نفس يوم ذكرى المسيرة الخضراء !!!

كلما كانت الأحداث في تطور ،كان الضغط يزداد على من وجد نفسه زعيما منتخبا شعبيا ليقود الحركة الإحتجاجية وفق منظور بدأ تدريجيا يتجاوز ما سطر له ليصبح كرة الثلج التي جمعت في طريقها كل التناقضات ،

فكان الإعتقال عكس ما كان يعتقد اعداء الوطن، كان هو الحل لوقف وتدويب كرة التلج و فضح التناقضات ، و إعتقد كثيرون أن الإعتقال سيؤجج الوضع و ان المنطقة بأكملها ستنتفض للمطالبة بإطلاق سراح الزفزافي ،و خاب ظنهم أكثر عندما صدرت الأحكام و التي كانت قاسية ،و لكن الشارع مباشرة بعدها بدأ يسترد الهدوء .

بعد وجود الزفزافي بزنزانته تغيرت الوجهة الى والده الذي وجهت له الدعوات بالخارج و الداخل ليقول ما لم يقله إبنه . و الكل يتذكر رسالة الزفزافي الأولى من السجن التي رآها كثيرون انها تملص من التوجه الذي بدأ يتبناه والده .

و لأن الدول هي صراع أجنحة و تضارب مصالح ،فإن المخزن العميق نفسه اراد من هذه الأحداث ان تكون مدخلا لإعادة ترتيب و توزيع النفوذ و السلطة ، فلم يرضيهم إعفاء الوزراء ولا تنقيل المسؤولين ، كما كانت خطوات التعامل مع المتظاهرين مسكونة بهواحس إنتخابية و بحسابات فيها الشخصية اكثر منه الوضع الاعتباري للمنصب ،تماما كما حدث مع ابن المنطقة الياس العمري!!

وحتى عندما بدأت القضية تهدأ اصرت جهات مجهولة الى اليوم على ضرب مصداقية الدولة وهي تقوم بتصوير و تسريب فيديو للزفزافي داخل السجن للقطع مع اي محاولة للتهدئة و الطي التدريجي للملف. وحكاية الدبابة و التخابر مع الاجانب ….

وتعددت القراءات و تقاطعت النوايا و اصبحنا امام وضع لم يعد بين يدي الزفزافي و رفاقه بل بين يدي جهات خارجية ارادت ان تجعل منه مدخلا لفرملة العهد الجديد و يكفينا شهادة كيف أن الإتحاد الأوروبي ترك كل انشغالاته ليخصص جلسات و يستقبل والد الزفزافي لا لشيئ سوى للوي دراع المغرب بحثا عن مكاسب اقتصادية ، و حتى اباطرة المخدرات و لوبيات أعالي البحار و تيارات المهجر ، كلهم ارادوا لعب ادوار خلف الستار .

ومنذ اعتقال الزفزافي الى اليوم لازالت بقايا تلك الأصوات تهرول و تولول و تصب الزيت في النار لعلها تعيد تأجيج الوضع لأنها لم ترضى ان تفشل مخططاتها .

ومن يطالب بإطلاق سراح الزفزافي بالعفو الملكي لا يهمهم التوقيت ولا الترتيبات يقدرنا يهمهم ان يخرج كي يواصل ما بدأه مع رفاقه ولكن بنفس الأسلوب الذي يجدون فيه لانفسهم منفدا للتسلل الى الناس لزعزعة استقرار المنطقة .

وهؤلاء إذا خرج الزفزافي غدا و لم يعد الى الشارع للتظاهر سيتم تخوينه و الانقلاب عليه و قتله رمزيا .و البحث عن بدائل مادامت مخططاتهم لا تموت .

عندنا في سوس و بمستوى اقل حدث ما يشبه هذا السيناريو في إفني بمنطقة ايت باعمران و السكرتارية التي رفعت سقف مطالبها حتى خرج الشارع عن السيطرة ،وكان اعتقال زعماء المظاهرات و إعادة اطلاق سراحهم ودخولهم الإنتخابات وتمثيل الساكنة في الجماعة و البرلمان كان احد دروس الدولة المغربية في جعل مرحلة السجن مرحلة مراجعة و ترتيب للخارج !!!

وفاة والد الزفزافي رحمة الله عليه ، و حجم التسهيلات التي قدمتها الدولة للزفرافي للزيارات ،كانت تظهر ان الرجل بدأ يتحول الى قيادي متمسك بمطالبه وفق ضوابط تجعله اولا يواجه من يريد الركوب عليه وعلى اهله وعلى مدينته للمزايدة ضد المخزن من الداخل و الخارج.

وتبين في جنازة والده رحمة الله عليه ان هناك أصوات لازالت لم تهدأ ولن تهدأ لدرجة انها تريد ان تقول ان الدولة و المخزن هو من قتل والد الزفزافي ؟!!! و لأنه مات بالسرطان فبسبب عدم بناء مركز بالحسيمة لمعالجة السرطان ؟!!!!

و من ملامح الزفزافي ،و من كلماته من فوق سقف منزله يبدو ان الرجل بالفعل يدرك ان وقت خروجه من السجن لم يحن بعد ، لان الوجوه التي جاءت لتعزيته و التيارات التي قطعت المسافات بوفود لزيارته لم تكن حبا فيه ولا حزنا على والده ،ولكن لانها ترى فيه الأمل ان يعود و يعيد الحراك و قضية الريف و يقود الثوار الى ان يتحقق الانتصار على الدولة الجائرة وعلى الدولة المحتلة القاتلة…. !!!!

ما تحتاجه الحسيمة و نواحيها منذ اول شرارة احتجاج هو التنمية ، وهو العناية بالإنسان ،و هو التنزيل السليم لمشروع منارة المتوسط ،

و الحق يقال لا زالت جهات من داخل الدولة ومنتخبون و سياسيون لم يستوعبوا الدرس و لم ينجزوا ما كان عليهم انجازه و كأني بهم يرون أن الموضوع انتهى بمجرد اعتقال الزفزافي و الحكم عليه .

قبل أن يخرج الزفزافي الى بيتهلابد للاسباب التي ادت الى المظاهرات التي كان يقودها ان تزول ،و ان تكون المشاريع انجزت و ان تكون خطة تنمية المنطقة تشق طريقها حتى يكون لتضحيته معنا و لنضاله نتيجة و لعودته الى محله أمرا مقبولا و مفهوما ،

اما مالم يتحقق شيئ فإن الرجل إذا خرج ولم يذهب للشارع للتظاهر فسيتم تخوينه وقتله معنويا. وهذا لا يريده الزفزافي كما لا تريده الدولة .

تماما مثلما لا تريد جهات ان يطوى الملف ، لذلك كانت منزعجة من سلاسة مراسيم الجنازة ، ومن دقة ووضوح كلمات الزفزافي من فوق سقف بيته …

وتلك حكاية اخرى

معذرة على الإطالة و على الإطلالة …

ونجدد الرحمات على والد الزفزافي الذي عاش في آخر سنوات عمره في محنة لم تكن محنة رجل بل إمتحان أمة .

و اما إطلاق سراح الزفزافي فسياتي في وقته وليس في وقت من يتربص به و بقضيته.

فهل تعتبرون ؟.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button