أخبارالرئيسيةالمرأةتقارير وملفات

آمنة بوعياش.. صوت حقوق الإنسان المغربي في الواجهة الإفريقية والدولية

رسخت آمنة بوعياش حضورها كإحدى أبرز الشخصيات الحقوقية التي تجمع بين التجربة الوطنية والانفتاح الدولي، منذ تعيينها على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، لتصبح اليوم مرجعًا في الترافع من أجل الكرامة الإنسانية، وواجهة تعكس صورة المغرب الحقوقية في المحافل القارية والدولية.

لم يكن، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بالنسبة لبوعياش مجرد مؤسسة دستورية لمراقبة الوضع الحقوقي، بل منصة للتأثير وإعادة صياغة النقاش العمومي حول قضايا العدالة الاجتماعية، الحريات الفردية والجماعية، وحقوق الفئات الهشة. تحت قيادتها، بات المجلس حاضرًا في جميع الملفات الحقوقية الكبرى، من مراقبة السياسات العمومية إلى الانخراط في النقاشات التشريعية، وصولًا إلى التنسيق مع المنظمات الأممية والآليات الإفريقية لحقوق الإنسان.

لقد برزت بوعياش بمواقف قوية في ملفات حساسة، أبرزها:

  • المرافعة من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، معتبرة أنها تقوض الحق في الحياة وتتنافى مع التزامات المغرب الحقوقية.
  • الدعوة إلى إصلاح عميق للقانون الجنائي لمواكبته للتحولات المجتمعية والمعايير الدولية.
  • الدفاع المستمر عن حقوق النساء والمساواة بين الجنسين، سواء عبر المناصرة الحقوقية أو المشاركة في المبادرات الدولية الداعمة للتمكين النسائي.
  • الانتصار لحقوق المهاجرين واللاجئين في المغرب، باعتبارهم جزءًا من النسيج المجتمعي الذي يفرض حماية خاصة.

ففي المحيط الإفريقي، ساهمت بوعياش في توطيد حضور المغرب داخل المنظومة الحقوقية للقارة، من خلال مشاركتها الفاعلة في شبكات إقليمية معنية بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وإسهامها في صياغة توصيات تخص حماية الحقوق في مناطق النزاع والهجرة. أما على المستوى الدولي، فقد اختيرت في عدة مناسبات كصوت نسائي إفريقي داخل منتديات كبرى، حيث مزجت بين التجربة المغربية وخصوصيات السياق الإفريقي في مجال العدالة الانتقالية والحكامة الحقوقية.

كما عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان في عهد بوعياش على توطيد شراكات استراتيجية مع مجالس وهيئات حقوقية إفريقية، خصوصًا في دول الساحل وغرب إفريقيا. وتُرجم ذلك في برامج لتبادل الخبرات حول آليات الحماية، وتعزيز قدرات المؤسسات الوطنية، إضافة إلى المشاركة في مبادرات جماعية لرفع توصيات مشتركة أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف والاتحاد الإفريقي. هذه الدينامية جعلت من المجلس المغربي فاعلًا محوريًا في القارة، ينقل تجربته في العدالة الانتقالية وحماية المهاجرين، ويستفيد في المقابل من خبرات محلية تتعلق بقضايا النزاعات، محاربة التطرف، وحماية الفئات الهشة.

لم يمر حضورها الحقوقي دون تقدير، إذ حازت بوعياش على جائزة البحر الأبيض المتوسط 2025 تقديرًا لجهودها في تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، كما نالت جائزة مستقبل النساء 2024 بمدريد، وهي إشادة دولية بمسارها في مناصرة قضايا المرأة على المستويين المغربي والإفريقي.لا تخفي بوعياش أن الطريق ما يزال طويلًا أمام المغرب في استكمال البناء الحقوقي، خصوصًا في ما يتصل بمراجعة التشريعات وحماية الحريات الفردية. ورغم الانتقادات التي طالت بعض مواقفها في قضايا معروضة على القضاء، فإنها تعتبر ذلك جزءًا من جدلية طبيعية بين الفعل الحقوقي ومتطلبات الدولة.

إعادة تجديد الثقة في بوعياش على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعكس إصرار المغرب على المضي في مسار تعزيز الحقوق والحريات. كما يعكس، في البعد الإفريقي، الرغبة في جعل التجربة المغربية نموذجًا قابلًا للتقاسم مع دول الجنوب.

و بهذا الحضور المتعدد الأبعاد، تبقى آمنة بوعياش أكثر من مجرد رئيسة لمؤسسة وطنية، فهي صوت المرأة الإفريقية في الدفاع عن كونية الحقوق، وواجهة تبرز قدرة المغرب على الجمع بين الالتزام الوطني والانفتاح القاري والدولي.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button