الوطن بين يقظة الشعب.. وصمت النخب

بقلم: الاستاذ مولاي الحسن بنسيدي علي
استفاق الشعب على واقعه المرير، فيما ما زالت مراكز النفوذ والفساد تترسخ وتتمدّد بلا حساب. لقد أظهرت التجارب أن غياب التأطير المسؤول والمرافقة الميدانية يجعل الغضب الشعبي عرضةً للاستغلال أو الانفلات. هنا يبرز سؤال ملحّ: أين شيوخ الزوايا الذين ارتبطت أسماؤهم تاريخيًا بالتهذيب والإصلاح؟ وأين أمناء الأحزاب الذين يفترض فيهم أن يكونوا همزة وصل بين الدولة والمجتمع؟ وأين الجمعيات التي أُسست أصلاً لخدمة الصالح العام لا لاستهلاك المنح والهبات؟
ليس هذا زمن الاحتفاليات ولا وقت الشعر المناسباتي أو الشعارات التي أكل عليها الدهر وشرب؛ فالظرف يحتاج إلى قيادة مسؤولة، تضع مصلحة الوطن فوق مصالحها، وترافق الشعب في مطالبه المشروعة وتؤطّر احتجاجاته حتى تظل سلمية وفعالة، بدل أن تتركه فريسة لليأس أو التوتر الاجتماعي.
إنّ الوطن اليوم في حاجة إلى صوتٍ عقلاني ومسؤول، إلى من ينهض بدوره الطبيعي في الإصلاح والتأطير لا إلى من يغيب في ولائم الريع ومهرجانات الاستهلاك الثقافي. ويبقى الرهان على صاحب المقام الرفيع، أمير المؤمنين حفظه الله، الذي ما فتئ يحمي هذا الشعب الوفي ويقف إلى جانبه، في أن يقطع الطريق على الفاسدين قبل أن يتغوّل نفوذهم وتستفحل أضرارهم.
إنّ الأوطان لا تنهض بالشعارات ولا تُحمى بالخطابات الرنانة، بل برجالٍ صادقين ومؤسساتٍ تؤدي دورها في حماية الشعب وتأطير غضبه المشروع. والتاريخ لا يرحم من فرّط في الأمانة أو باع صوته للفساد، وإنّ الشعوب قد تصبر لكنها لا تنسى.



