
بقلم: القبطان عبد الله دكدوك
من موقع المسؤولية الرمزية والفكرية، وبوصفي قبطان سفينة السلم والسلام، ومواطناً مغربياً يعي حقه في الرأي والتوضيح بحكمة المتأمل، أجد لزاماً عليّ أن أوجّه هذه الكلمة الهادئة في زمن ترتفع فيه الأصوات وتتعدد القراءات.
لا أكتب بلسان السياسة، بل بضمير المواطن الغيور الذي يرى في المؤسسة الملكية صمام الأمان، وفي الدستور بوصلتنا الجامعة نحو الاستقرار والعدالة والتوازن.
إن هذه الورقة ليست جدالاً، بل نداءً للفهم والإنصات، دعوة إلى رؤية الأشياء بعيون العقل لا بعدسات التحريض، حفاظاً على قداسة التلاحم الوطني وحرمة المؤسسة الملكية من حملات التضليل التي ينسجها أعداء الداخل والخارج.
في زمن تعلو فيه الأصوات وتختلط فيه المقاصد، يختار الملك أن يتكلم بصمته، لا عجزًا ولا غيابًا، بل إيمانًا بدستور أرسى دعائم دولة المؤسسات، حيث لكل جهة مسؤوليتها، ولكل سلطة حدودها.
ففي المملكة المغربية، الملك ليس مجرد حَكمٍ بين الفرقاء، بل هو الضامن الأعلى لوحدة الوطن واستمرارية الدولة، الحارس على التوازن، والموجّه حين تميل الكفّة، والمطمئن حين ترتفع حرارة الشارع.
لم يتدخل الملك، لأنه يحترم منطق الدولة لا منطق اللحظة.
ترك المجال للمؤسسات المنتخبة لتقوم بدورها، للحكومة أن تُحاسب، وللبرلمان أن يُناقش، وللقضاء أن يُنصف.
هكذا تُبنى الدول الراسخة… لا بالانفعال، بل بالثقة في المؤسسات والالتزام بروح الدستور.
الملك لا يغيب… بل يراقب.
يتابع بنبض المواطن لا بنبض الشارع، ويستمع بصمت الحكيم الذي يرى ما وراء الضجيج.
وحين يقرر التدخل، تكون كلمته ميزانًا يعيد للقلوب سكينتها، وللمسار توازنه، وللوطن صفاءه.
أما أولئك الذين يحاولون أن يغرسوا الشك بين الملك وشعبه، فهم لا يدركون أن هذه العلاقة ليست عقدًا سياسيًا، بل عهدًا تاريخيًا من الإيمان المتبادل.
فالملك لم ينتصر يومًا لسلطة، بل ينتصر للشعب حين تُهدد كرامته، وللوطن حين تمسه فتنة.
هو ملك الشعب لا ملك العروش، ورمزه في الوجدان أعمق من كل شعار.
ولأعداء الداخل والخارج الذين يسعون إلى تفكيك التلاحم الوطني نقول:
من يراهن على شرخٍ بين الملك وشعبه، كمن يرمي حجراً في نهر التاريخ المغربي…
هذا النهر الذي جرى عبر قرون من البيعة والوفاء، من الدم والعرق، من الملك الذي يعيش نبض أمته، إلى الشعب الذي يرى في ملكه ظل الرحمة والحكمة.
ليعلم الجميع:
الملك حين يصمت… فهو يكتب فصلاً جديدًا في كتاب الحكمة.
وحين يتكلم… يُعيد للأمة بوصلة الاتجاه
أما المغرب، فسيبقى كما عهدناه: ملِكًا وشعبًا… جسدًا واحدًا وروحًا واحدة، لا تنال منها رياح الفتنة ولا صخب الأعداء.
في الختام، أجدد شكري وامتناني للمنبر الإعلامي “الحدث الإفريقي”، ولمديره الاعلامي القيدوم الأستاذ عبد السلام العزوزي، على سعة صدره وحرصه على أن يكون الإعلام منبرًا للوعي لا للضجيج، وللرصانة لا للإثارة.
ومن خلال هذا المنبر الأصيل، أجعل من كلمتي هذه صوتًا صادقًا ينفذ إلى من يهمهم الأمر، صوت المواطن الذي يؤمن أن السفن لا تبحر إلا بالثقة في رُبّانها، وأن الوطن لا ينهض إلا بتلاحم شعبه وملكه ومؤسساته.



