
في عالم موازٍ، حيث تعيش الشعوب في رفاهية والعدالة تملأ الأرجاء، تُقدَّم عروض خيالية للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، تصل إلى مليارات اليوروهات، مع شيكات مفتوحة ومبالغ لا يمكن لعقل بشري استيعابها. في هذا العالم الموازي أيضًا، لا توجد غزة تُقصف، ولا أطفال يموتون جوعًا، ولا ملايين اللاجئين يبحثون عن مأوى. كل شيء على ما يرام، ما دام النجم العالمي سعيدًا، والسوق الرياضي مزدهرًا.
رئيس نادي الاتحاد السعودي، أنمار الحائلي، قالها بوضوح: “إذا أراد ميسي التوقيع معنا، سأعطيه شيكًا مفتوحًا.. يكتب فيه ما يشاء”. لا بأس إن كان هذا الشيك يمكنه أن يسد جوع غزة لعقدٍ كامل، أو يعالج أطفال اليمن، أو يعيد إعمار سوريا، أو حتى يكسو اللاجئين في السودان. المهم أن ميسي سعيد، وأننا نحلم برؤيته في الدوري السعودي.
ميسي، الذي رفض عرضًا قيمته 1.4 مليار يورو – نعم، مليار وليس مليونًا – لأنه يفضل الحياة في أمريكا. يبدو أن اختيارات النخبة لا تتعلق بالأموال فقط، فحتى عندما تُغدَق عليهم المليارات، يكون لديهم رفاهية الرفض. هذه الرفاهية التي لا تعرفها أم محمد في غزة، وهي تُحاول تهدئة طفلها الذي يبكي من الجوع بينما تتساقط القذائف حولهم.
كم طفلًا يمكن إطعامه بمليار يورو؟ كم مدرسة يمكن بناؤها؟ كم مستشفى؟ كم منزلًا يمكن إعادة إعمارِه؟ أسئلة تبدو غير منطقية في عالم يُقدِّس كرة القدم أكثر من الإنسان.
نحن نعيش زمنًا تُلقى فيه الأموال في ملعب الأحلام، بينما يُترك الفقراء يلهثون خلف كسرة خبز. زمنٌ يُفتح فيه “الشيك المفتوح” للاعبٍ، ويُغلق فيه على الشعوب التي تنادي بالحرية والكرامة والعيش الكريم.
لكننا لسنا في موقع العتب.. فميسي يستحق كل هذا، أليس كذلك؟ من يحتاج إلى تعليم وصحة وكرامة حين يمكنه مشاهدة ميسي وهو يُسجل هدفًا رائعًا؟!



