النيابة العامة تحقق في فضيحة “دقيق الورق”

هزّت الأوساط السياسية والمدنية في المغرب تصريحات مثيرة للجدل، أدلى بها أحمد التويزي، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب، بشأن قيام شركات للورق بـ**”طحن الورق وتقديمه كدقيق مدعم للفقراء”. هذه الاتهامات الخطيرة، رغم نفي الفيدرالية الوطنية للمطاحن لها، دفعت منظمتين مدنيتين بارزتين، تهتمان بحماية المستهلك وحقوق الإنسان، إلى المطالبة بـتحقيق رسمي عاجل وشامل**، معتبرين أن هذه الممارسات، إن صحت، تمسّ بـجوهر العدالة الاجتماعية وكرامة المواط
مطلب التحقيق القضائي والمساءلة
حسن آيت علي، رئيس المرصد المغربي لحماية المستهلك، وصف ما أثير بـ”تصريحات خطيرة” تمسّ سلامة المستهلك والأمن الغذائي الوطني، مطالباً بـ:
- النيابة العامة: فتح تحقيق رسمي عاجل واستدعاء النائب البرلماني (التويزي) للاستماع إليه وتقديم الأدلة المادية التي يستند إليها.
- المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA): إجراء تحقيق ميداني وتقني عاجل داخل مطاحن الدقيق المدعم، وإجراء تحاليل مخبرية مستقلة للتأكد من سلامة المنتوج ونشر نتائجها بشفافية تامة.
وأكد المرصد أن ثبوت هذه الاتهامات يمثل “فعلاً إجرامياً بالغ الخطورة” يعاقب عليه القانون المغربي، لا سيما بموجب القانون المتعلق بالسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والقانون الجنائي (الغش وتعريض حياة المواطنين للخطر). وفي المقابل، حذر المرصد من أن عدم استناد التصريحات لأدلة ملموسة يندرج تحت “الخطاب السياسي الشعبوي” الذي يؤثر سلباً على ثقة المستهلك والسلم الاجتماعي.
جريمة تمسّ العدالة والكرامة
من جانبه، شدد عبد الإله الخضري، رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، على أن المسألة تتجاوز الخرق الإداري لتصبح “جريمة اقتصادية متكاملة الأركان”، تقوم على:
- تبديد المال العام الموجه للفئات الهشة.
- انتهاك صارخ للحق في الغذاء السليم والآمن، المكفول دولياً ودستورياً (الفصل 31 من الدستور).
- عبث خطير بصحة المواطنين واحتقار لكرامتهم.
ودعا المركز إلى تحرك عاجل وشامل على ثلاثة مستويات:
- القضائي: تحقيق مستقل ونزيه من النيابة العامة والمجلس الأعلى للحسابات لتحديد المسؤوليات وترتيب العقوبات.
- المؤسساتي: إعادة هيكلة منظومة الدعم جذرياً، والانتقال من الدعم العيني إلى الدعم المباشر عبر السجل الاجتماعي الموحد، لضمان وصوله للمستحقين دون وسطاء.
- الرقابي: تفعيل دور البرلمان والمجتمع المدني ووسائل الإعلام في التتبع وإحداث لجان استطلاع حول جودة الدقيق المدعم وطرق توزيعه.
دعوة لإعادة النظر في المنظومة
تتفق المنظمتان المدنيتان على أن هذه الأزمة تعيد إلى الواجهة مطلب إعادة النظر بشكل جذري في منظومة مراقبة وتوزيع الدقيق المدعم بالمغرب. ودعا المرصد المغربي لحماية المستهلك الحكومة والبرلمان إلى تعزيز آليات المراقبة والافتحاص وربط الدعم بالجودة الفعلية للمنتوج.
تظل كرة الآن في ملعب النيابة العامة وONSSA، حيث يترقب الرأي العام المغربي نتائج التحقيق التي ستحسم الجدل حول حقيقة “دقيق الورق” وتكشف عن مدى سلامة غذاء الفئات المستهدفة بالدعم.



