من الاعتراف المبكر باستقلال أمريكا إلى دعم واشنطن لمغربية الصحراء

منذ أواخر القرن الثامن عشر،نسج المغرب والولايات المتحدة الأمريكية علاقة دبلوماسية فريدة تتجاوز حدود المصالح الظرفية لتغدو قصة وفاء متبادل بين أمتين.
فالمغرب، بقيادة السلطان سيدي محمد بن عبد الله كان أول دولة في العالم تعترف باستقلال الولايات المتحدة سنة 1777 في وقت كانت فيه القوى الأوروبية تتوجس من الدولة الوليدة في القارة الجديدة.
وقد سمح السلطان للسفن الأمريكية بدخول الموانئ المغربية بكل حرية في خطوة كرست روح الانفتاح والاحترام المتبادل بين البلدين.
الذاكرة الدبلوماسية الممتدة
بعد هذا الموقف التاريخي،تم تتويج العلاقات بين البلدين بتوقيع معاهدة السلام والصداقة المغربية الأمريكية سنة 1786 وهي أقدم معاهدة لا تزال سارية في تاريخ الولايات المتحدة مع دولة أجنبية. هذه الوثيقة لم تكن مجرد اتفاق تجاري،بل إعلان نية في بناء علاقة قائمة على الاحترام المتبادل والثقة السياسية لتتحول مع مرور الزمن إلى شراكة استراتيجية تشمل مجالات متعددة.
على امتداد القرنين الماضيين، ظل المغرب شريكا موثوقا للولايات المتحدة في مختلف القضايا الدولية وبرزت الرباط كقوة استقرار في منطقة شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.
رد الجميل… ترامب يكتب فصلا جديدا
بعد أكثر من قرنين على ذلك الاعتراف التاريخي،جاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليعيد التذكير بأن الصداقة الحقيقية لا تنسى.
ففي 10 دجنبر 2020،أعلن ترامب اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية مؤكدا أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدمها الرباط تمثل الحل الواقعي والوحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
هذا القرار لم يكن مجرد خطوة سياسية،بل تجسيدا لـ دبلوماسية الوفاء وامتدادا لمعنى الشراكة التاريخية التي جمعت البلدين منذ القرن الثامن عشر.
لقد أعاد ترامب ترجمة القيم التي بنيت عليها معاهدة الصداقة الأولى حين اعتبر أن المغرب حليف استراتيجي يمكن الوثوق به في القضايا الإقليمية والدولية.
تحالف يتجدد عبر الزمن
الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء فتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي،شملت مجالات الأمن والدفاع والاستثمار والطاقة النظيفة.
كما عزز مكانة المغرب كحليف رئيسي للولايات المتحدة في إفريقيا والشرق الأوسط،وأكد أهمية دوره في مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
من جهتها، واصلت واشنطن دعم المشاريع التنموية الكبرى بالمملكة سواء عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) أو عبر برامج “تحدي الألفية”،ما يعكس متانة العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين.
من التاريخ إلى المستقبل
من اعتراف 1777 إلى دعم 2020 تمتد خيوط الصداقة المغربية الأمريكية كجسر يربط الماضي بالمستقبل.
لقد أظهر ترامب أن السياسة يمكن أن تكون امتدادا للذاكرة والاعتراف بالجميل وأن العلاقات بين الدول تبنى على الثقة والاحترام قبل المصالح.
إنها حكاية وفاء دولي نادرة تؤكد أن التاريخ لا يمحى وأن المغرب الذي دعم ميلاد دولة فتية قبل قرنين يقطف اليوم ثمار مواقفه الراسخة في الدفاع عن وحدته وسيادته.



