أخبارالرئيسيةفي الصميم

أوقفوها الآن..وليس غداً

بقلم: د. عمر زكريا أبو القاسم ـ الرباط

أود هنا أن ألقي الضوء، من وجهة نظري المتواضعة، على الآتي، عسى أن ينير الطريق للذين غُرر بهم من أبناء الهامش، وعلى وجه الخصوص أبناء غرب السودان، ممّن “سُيقوا إلى الخلاء”، من قبل الإسلاميين طوال فترة حكمهم للسودان من 1989 حتى اليوم.

أولاً: من المعروف أن قوات الدعم السريع أُنشئت بقانون من برلمان نظام الإنقاذ (بتاريخ 16/ يناير/ 2017) واعتبروها ابناً شرعياً من رحم الجيش، الذي حولوه إلى مليشيا عسكرية لحماية نظامهم.

وقد كانت قوات الدعم السريع هي الابن المدلل لحماية نظامهم، بالرغم من وجود “كتائب ظل” إسلامية أخرى (البراؤون، مثالاً). ولم يكن سراً أن الرئيس المخلوع عمر البشير كان يعبر دائماً، وباعتزاز، أن الدعم السريع يعمل لحمايتهم، لدرجة أنه كان يسمي قائدهم حميدتى بـ (حمايتي).لماذا؟

1. لقد أنشأوا قوات الدعم السريع في الأصل لإبادة شعب دارفور، فأشعلوا الحرب (التي نسوها .. أو تناسوها)، فحاربوا بها الحركات المسلحة في غرب السودان، ثم انتقلوا بها إلى كردفان والنيل الأزرق.

.2. عندما ثار الشعب ضد ظلمهم وفسادهم، لم يترددوا في جلب هذه القوات إلى العاصمة، أملاً في القضاء على ثورة ديسمبر المجيدة. لكنهم مُنيوا بالفشل، وبعدها “حدث ما حدث”، بأمر قادة النظام البائد واللجنة الأمنية برئاسة قوش الذي سرق أبناؤه الثورة.

.3. عندما انحاز قائد الدعم السريع للثورة وانقلب ضدهم، بعد أن أدرك الحقيقة المرّة، وهي أن همهم الوحيد هو البقاء في السلطة، حتى وإن أبادوا أهل السودان جميعاً، فسعوا إلى شيطنته وخططوا لانقلاب (الموز) بتاريخ 25/10/2021 بدعم من القوة المشتركة، وعلى رأسهم مناوي وجبريل وعناصر أخرى من اتفاقية جوبا لخدمة مصالحهم وأجندتهم الخاصة. وهم لا يدرون، ولربما تناسوا، أن الدعم السريع، وبأمر من قائد الجيش ورئيس الدولة المخلوع عمر البشير ونظامه حينها، قد حاربهم في دارفور.

والآن حان دور استخدام أعداء الأمس مني أركو وجبريل كغطاء للجيش لمحاربة الدعم السريع، بعد أن تمرد على نظامهم البائد وانحاز لشباب الثورة.

إن الحقيقة الغائبة عن غالبية أبناء الوطن العزيز، أن الجيش السوداني الذي تمت أدلجته وصار جيشاً للكيزان، ظل طول عمره يحارب متخفيا:

ـ تارة وراء الدعم السريع (حامي نظامهم) في إبادة أهلنا بدارفور وغرب السودان عموما وشرقه.ـ

وتارة أخرى، كما هو الحال اليوم، متخفياً وراء القوات المشتركة.وفي كلتا الحالتين، دفع أبناء الهامش للقتال نيابة عنهم ليستفردوا بالحكم على الدوام.

ولننظر إلى ما جرى في الفاشر، حيث الضحايا من الجانبين هم أبناء الإقليم الواحد. ولو أن القوات المشتركة بقيت على الحياد منذ البداية، لما جرى هذا الذي جرى، ولما انتهى هذه النهاية المحزنة.والأمر كله يتحمله النظام البائد ورجاله الذين ما زالوا على رأس الدولة، وهم البرهان وزبانيته، واجهة النفاق والظلم لحكام الأمس، أمثال كرتي وأسامة عبد الله وعلي عثمان وبكري وهارون، على سبيل المثال لا الحصر، أولئك الذين دمروا البلاد وقادوها إلى هذا المصير المظلم، وما زالوا يصرون على إذكاء أوار الحرب، بينما أهلهم وذووهم ومعهم أموال الدولة المنهوبة، خارج البلاد.

فيا عجباً من أمثال هؤلاء الذين ينعمون بالرخاء وبمقدرات البلاد بينما يعيش شعبهم مشرداً ويموت جوعاً. وصدق ذلك الذي قال: أحقر الناس من ازدهرت أحوالهم يوم جاعت أوطانهم. شعبنا الأبي الصابر، لقد آن الأوان لوقف الحرب الآن.. وليس غداً. أقول “وقفها” وليس مجرد الدخول في “هدنة”، فذلك أمر لا يُعقل ولا يستقيم بعد كل هذا الدمار والموت والتشريد لأبناء الوطن الواحد.

فإلى متى يا قادة الجيش السوداني، الفريقان البرهان وحميدتي؟ أليس فيكم رجل رشيد؟ أليس الكل سودانيين؟ ألستم أولى بحقن دماء وأرواح أبناء جلدتكم؟ أوقفوا الحرب الآن، وأكدوا لشعبكم أنكم أحرص الناس على أمنه وسلامته، وهم يموتون جوعاً.

وتوبوا إلى الله بارئكم فقط، وإلا فتنحّوا عن سدة الحكم، واتركوا الشعب يتدبّر أمره بعد الله تعالى المدبر الحكيم.ولشعبنا السوداني الأبيّ الصابر، المجد والسؤدد في ظل السودان الجديد، سودان الحرية والمساواة والعدالة.

والله من وراء القصد موفقاً ومعيناً

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button