الصحفي العزوزي في”بلا حدود”يروي مسار40 عاما ويدق ناقوس الخطر

الرباط – خاص
في حلقة مؤثرة وصريحة من برنامج «بلا حدود»، على قناة الحدث 24 استضاف الزميل مهدي مسيعيد، الصحفي المغربي المخضرم عبد السلام العزوزي، ليروي مساراً مهنياً امتد لحوالي أربعة عقود، مرّ خلالها بمراحل الصحافة الورقية وانتقل بسلاسة إلى فهم خواريزميات صحافة الرقمنة.
العزوزي الذي تحمل مسؤوليات متعددة في صحف وطنية ووكالة إخبارية أجنبية، يقارن بين صحافة القرن العشرين وبداية صحافة الألفية الثالثة، ويدق ناقوس الخطر لما آلت إليه الصحافة المغربية في عصر الرقمنة، داعيا إلى ثورة حقيقية في المشهد الإعلامي الوطني.
الصحفي العزوزي الذي كان فاعلا جمعويا وناشطا سياسيا، ويعد أحد صناع الصحافة الجهوية قام بإصدار صحيفة “السلام” سنة 1991 في فاس، وتحمله مسؤولية الكتابة العامة للجمعية المغربية للصحافة الجهوية في تسعينيات القرن الماضي، وأيضا رئيس فرع النقابة الوطنية للصحافة الجهوية بجهة بني ملال أزيلال نهاية التسعينات. وأحدث دينامية إعلامية محلية قوية. ثم مر بمراكش والرباط، محملًا بخبرة تراكمية في النشاط الجمعوي والصحفي.
حلقة «بلا حدود» هذه لم تكن مجرد حوار مع صحفي مخضرم، بل شهادة حية على تاريخ الصحافة المغربية، وتحذير صريح من مستقبل قد يفقد فيه المغرب إحدى أعمدة ديمقراطيته، إذا لم يتم إنقاذ المهنة من التردي الحالي.
بدأ الصحفي العزوزي ابن تازة، وعيه الصحافي والسياسي والثقافي مبكراً في نادي الإبداع الثقافي بدار الشباب أنوال بتازة سنة 1979، وعمره يشرف على السادسة عشرة، حيث كان يناقش قضايا كبرى مثل الديمقراطية في إفريقيا وحقوق الإنسان. انتقل بعدها إلى فاس عام 1984، قادما من جامعة محمد الأول بوجدة، حيث أسس نادياً مماثلاً، وانخرط سنة 1986 في الشبيبة الدستورية التابعة لحزب الاتحاد الدستوري، وهي التجربة الحزبية الوحيدة التي مارسها رسمياً.
من مراسل صحفي إلى مؤسس جريدة وفرع نقابي
دخل العزوزي عالم الصحافة المهنية عبر جريدة «رسالة الأمة» منتصف 1986، ثم عمل في درائد محلية في فاس، أيضا اشتغل في صحيفة «السياسة» الكويتية بالدار البيضاء 1989. وفي 1991 أسس جريدة «السلام» بفاس.
انتقل بعدها إلى بني ملال لست(6) سنوات، حيث أسس فرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية بالجهة، وخلق دينامية إعلامية جديدة.
مشروع الصحافة الجهوية..حلم أُجهض لأسباب سياسية
كشف العزوزي عن مشروع واعد في عهد وزير الاتصال الراحل العربي المساري، شمل إنشاء مطابع كبرى في فاس ومراكش وتنظيم أول مناظرة وطنية للإعلام الجهوي. لكن المشروع توقف – حسب الضيف – بسبب تخوف الصحف الحزبية من منافسة صحافة جهوية قوية ومستقلة.

وأكد العزوزي أن الصحافة الورقية لم تمت لأن الجمهور تخلى عن القراءة، بل لأن المؤسسات الصحفية تخلت عن جودتها المهنية، وغاب الصحفيون الرواد، ودخل المهنة من لا مهنة له، وتراجع الالتزام الأخلاقي، وتحولت بعض الممارسات إلى «ابتزاز» مقنّع.
راتب 6000 درهم = فقدان الكرامة والاستقلالية
قال العزوزي حاسماً: «لا يعقل أن يشتغل صحفي اليوم براتب 5000 أو 6000 درهم ويبقى معتزاً بشخصه وبكلمته». ودعا إلى رفع الحد الأدنى لأجر الصحفي إلى 11 أو 12 ألف درهم على الأقل، حتى يتمكن من صيانة كرامته واستقلاليته، ويُقضى على ظاهرة الابتزاز التي تنخر المهنة.
الرقمنة.. سرعة على حساب جودة المنتوج
يرى العزوزي أن الثورة التكنولوجية جعلت المعلومة متاحة بسرعة فائقة، لكنها أفقدت الصحافة بعدها التحليلي. بحيث أصبح بإمكان أي شخص كتابة مقال في 10 دقائق، بينما كان الصحفي في القرن العشرين يبذل جهداً كبيراً للحصول على معلومة موثوقة من مصدر رسمي أو وكالة أنباء أو كتاب.
دعوة لإنقاذ المهنة
اختتم الصحفي عبد السلام العزوزي حديثه بنداء عاجل إلى صناع القرار بالمغرب بإحداث ثورة حقيقية في المشهد الإعلامي الوطني، داعيا النقابة الوطنية للصحافة المغربية وكل التنظيمات المهنية لاستعادة دورها الدفاعي عن الصحفيين وعن المقاولات الإعلامية، والرفع من جودة المنتوج الإعلامي، والعودة إلى الأخلاقيات التي صنعت مجد الصحافة المغربية في الثمانينيات والتسعينيات.



