هيئة المحامين بالرباط تشهر “ورقة الحزم” في مواجهة إساءات اللجنة المؤقتة للصحافة

بقلم: ذ. زهير أصدور
في خطوة تحمل رسائل واضحة حول خطوط الدفاع التي لا تقبل المساومة، أصدرت هيئة المحامين بالرباط بلاغاً شديد اللهجة على خلفية التسجيل السمعي البصري المتداول، والذي أظهر جانباً من أشغال اللجنة المؤقتة لتسيير قطاع الصحافة والنشر خلال جلسة تأديبية ضد الصحافي حميد المهدوي، وما رافقها من عبارات جارحة وتهجم غير مسبوق طال عدداً من المحامين.
الهيئة، التي وقفت عند تقارير تفصيلية رفعها إليها محامون كانوا موضوع إهانات مباشرة بسبب صفتهم ومهامهم القانونية، لم تكتفِ بوصف الواقعة، بل اعتبرتها فعلاً مجرّماً تتوفر فيه كل الأركان والشروط المنصوص عليها في الفصل 263 من القانون الجنائي، الذي يجرّم الإهانة الموجهة إلى موظفين أو مهنيين أثناء قيامهم بمهامهم أو بسببها.
بلاغ الهيئة لم يُخف انزعاجه الشديد من “اللغة السوقية” التي وردت في التسجيل، معتبراً أنها تكشف عن حالة نفسية عدائية تجاه الدفاع، ظهرت في طريقة تعامل اللجنة مع المحامين، مروراً بإجبارهم على الانتظار بشكل وصفته الهيئة بـ“المستفز وغير اللائق”، وانتهاءً بإقصائهم من حضور الجلسة التأديبية بعلل لا تستقيم قانوناً ولا أخلاقاً.
الهيئة رأت في ذلك السلوك تعبيراً عن احتقار ممنهج لحقوق الدفاع، وتنكراً لمكانة المؤسسات التي يفترض أن تُصان وتُحترم، معتبرة أن ما جرى لا يمس فقط محامين بعينهم، بل يمس صورة الدولة وهيبتها ودستورها وقيم العدالة التي يتوافق عليها المغاربة.
النقيب عزيز روييح ومجلس الهيئة شددوا في بلاغهم على أن حماية المحامين والمحاميات وصونهم من التسلط والانتقاص “أعز وأقدس ما اؤتمنّا عليه”، وأن الهيئة لن تتوانى في اتخاذ كل الخطوات الضرورية للانتصاف لزملائها ولرسالة الدفاع ولهيئتها العتيدة.
ومع هذه النبرة الحاسمة، بدا واضحاً أن الهيئة تتجه نحو تحريك المتاح من المساطر القانونية والمؤسساتية، وربما المطالبة بمحاسبة المتورطين فيما اعتبرته “إساءة خطيرة” تتجاوز مجرد خلاف مهني، لتلامس ضرباً لركن من أركان العدالة: المحاماة باعتبارها جزءاً من ضمانات المحاكمة العادلة.
الواقعة، التي فجّرت موجة من الغضب داخل الجسم المهني، تضع اللجنة المؤقتة للصحافة أمام امتحان حقيقي في ما يتعلق بحدود سلطتها وطرق اشتغالها واحترامها للحقوق الأساسية. كما تطرح، وفق مهنيين، سؤالاً أكبر يتعلق بمدى أهلية هذه اللجنة، المنتهية أصلاً ولايتها، في تدبير ملفات حساسة بمثل هذا الحجم.
وبينما ينتظر الرأي العام الخطوات المقبلة لهيئة المحامين، يبدو أن الأزمة تجاوزت حدود واقعة معزولة، لتفتح نقاشاً واسعاً حول أخلاقيات المرفق، واستعمال اللغة المسيئة، واحترام الدفاع، والتوازن بين السلطة التأديبية والحريات المهنية.
هيئة المحامين بالرباط وضعت النقاط على الحروف، وبلهجة لا تقبل التأويل، في انتظار ما إذا كانت الجهات المعنية ستتفاعل بما يليق بحجم الواقعة… أم أن الأزمة ستتدحرج نحو فصول أكثر تعقيداً في المشهد المهني والقانوني بالمغرب.
*محام بهيئة الرباط



