#غزةHot eventsأخبارأخبار سريعة

تصويت الجزائر على قرار غزة.. واقعية دبلوماسية أم تراجع عن الشعارات؟

أثار تصويت الجزائر لصالح مشروع القرار الأمريكي رقم 2803 المتعلق بوقف إطلاق النار في غزة، استغراباً واسعاً، خاصة من قبل شخصيات لها ارتباط تاريخي وعميق بالبلاد، مثل الدكتور وليد عبد الحي، الأكاديمي الفلسطيني الذي عمل سابقاً في الجزائر. فقد وصف عبد الحي التصويت بأنه “صعب التفسير” وتساءل عن سبب عدم امتناع الجزائر عن التصويت أسوة بروسيا والصين.

ويُسلط هذا الاستغراب الضوء على التناقض الظاهري بين الموقف الجزائري التاريخي والمُعلن تجاه القضية الفلسطينية وبين الممارسة الدبلوماسية الواقعية في أروقة مجلس الأمن الدولي.

قراءة في دوافع التصويت الجزائري

يُمكن تفسير التصويت الجزائري، رغم صدمته العاطفية، من زاوية المنطق الواقعي والسياسي المجرّد:

  • تجنب الضرر دون فائدة: يشير التحليل إلى أن التصويت ضد القرار الأمريكي لم يكن ليمنع مروره، نظراً لحجم القوة الأمريكية، وكان سيضع الجزائر في موقف معارض لقرار إنساني محتمل دون تحقيق أي مكسب للقضية الفلسطينية أو لحركة حماس، بل كان سيفتح “باب الضرر” على الجزائر نفسها.
  • مقارنة غير عادلة: يرى الكاتب أن مقارنة الجزائر، كدولة متوسطة القوة، بروسيا والصين كقوتين نوويتين واقتصاديتين عظميين قادرتين على “ملاعبة” القوى الكبرى، هي مقارنة غير عادلة وتتجاهل موازين القوى الدولية الحقيقية.
  • التناغم العربي: ينسجم تصويت الجزائر على القرار مع توجهات جامعة الدول العربية والعديد من الدول العربية الوازنة التي غالباً ما تختار المواءمة في القضايا ذات الحساسية القصوى في المحافل الدولية.

علاقة وجدانية لا “عضوية”

يرفض المقال القول بأن الجزائر “باعت القضية الفلسطينية” بسبب هذا التصويت. ويرجع ذلك إلى أن الجزائر لم تحتكر أو تمتلك يوماً هذه القضية. العلاقة الجزائرية الفلسطينية، رغم عمقها التاريخي واستضافة الجزائر لإعلان الدولة الفلسطينية عام 1988، تحولت بعد التسعينيات والانخراط الفلسطيني في مسار أوسلو إلى علاقة وجدانية وشعبية أكثر منها “تداخلاً عضوياً أو سياسياً” حقيقياً.

ويرى الكاتب أن الجزائر محظوظة بهذا “الوضع” لأنه يعفيها من تحمل العبء المباشر للتعامل مع هذه الأزمة المتشعبة والمعقدة. كما أن أي طموح جزائري للعب دور رئيسي في القضية يصطدم بعوامل موضوعية، أبرزها:

  • البعد الجغرافي: غياب العلاقة المباشرة مع الصراع، على عكس مصر والأردن.
  • أدوات التأثير: تملك دول أخرى مثل قطر والسعودية والإمارات أدوات تأثير (كالمال والجرأة الدبلوماسية) وهامش مناورة أكبر.

نقد للدبلوماسية الجزائرية المتجمدة

يوجه المقال نقداً لاذعاً للدبلوماسية الجزائرية، معتبراً أنها لم تتغير وظلت تتعامل مع القضية الفلسطينية بمنطق سبعينيات القرن الماضي. ويُشير إلى أن رفع سقف التصريحات والتطلعات من قبل القيادة العليا، وخاصة الرئيس عبد المجيد تبون، قد قيّد هامش حركة الدبلوماسيين.

ويخلص المقال إلى أن الدبلوماسية الجزائرية في حاجة ماسة إلى مراجعة شاملة لسياساتها وشعاراتها:

  • تجاوز الشعارات: إن زمن شعار “مع فلسطين ظالمة أو مظلومة” قد ولى، وحتى قائلها الرئيس هواري بومدين كان سيراجع نفسه.
  • تغيير التعامل: السخرية من الدول التي اختارت التطبيع لم تعد تليق، بل هي ممارسة تعود لزمن “المد الثوري”.
  • سياسة عدم التدخل: يجب مراجعة سياسة عدم التدخل عندما يتعلق الأمر بمحيط الجزائر المباشر، مثل ليبيا ومالي، حيث يعود الجمود بالضرر عليها.

ويُختتم المقال بالتأكيد على أن تصويت الجزائر لصالح القرار 2803 يجب أن يُنظر إليه كـ**”بداية تحوّل”** في العمل الدبلوماسي الجزائري نحو تغليب المصلحة الوطنية وتدوير الزوايا، دون أن يعني ذلك خيانة للقضية الفلسطينية أو ولاء لإسرائيل. بل هو اختيار للواقعية لتجنب “الانتحار” السياسي في عالم تقوده القوى العظمى بعصا غليظة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button