أخبارالرئيسيةالمرأةثقافة و فن

سناء العلوي… الممثلة المتعددة اللغات التي عبرت من الدار البيضاء إلى العالمية

ممثلة مغربية ذات مسيرة دولية لافتة، استطاعت أن تحجز لنفسها مكانًا مميزًا في السينما والتلفزيون داخل المغرب وخارجه، إنها سناء العلوي، فبفضل موهبتها، وثقافتها المتعددة، وقدرتها على التمثيل بخمس لغات، جعلتها واحدة من الوجوه العربية القليلة الحاضرة بقوة في الإنتاجات الأوروبية والعربية المشتركة.

وُلدت سناء العلوي في 29 أبريل 1987 بمدينة الدار البيضاء، وترعرعت في بيئة منفتحة على الثقافات واللغات. تابعت دراستها بالثانوية الفرنسية الشهيرة “ليسي ليوطي” بالدار البيضاء، قبل أن تغادر إلى باريس لاستكمال تكوينها في الأداء والتمثيل داخل معاهد ومؤسسات متخصصة في فنون المسرح والسينما. ظهرت موهبتها مبكرًا إذ شاركت وهي في سن صغيرة في أعمال تلفزيونية فرنسية ومسلسلات وأفلام، كما خاضت تجارب في الإعلانات قبل أن تشق طريقها نحو أدوار أكثر نضجًا في السينما.

تُعرَف سناء العلوي بكونها ممثلة “متعددة اللغات”، إذ تتقن العربية (بعدة لهجات)، الفرنسية، الإسبانية، الإنجليزية، والألمانية، ما مكّنها من التعاون مع مخرجين من جنسيات مختلفة، والمشاركة في أعمال صُوِّرت في عدد من البلدان. و هذا الرصيد اللغوي والثقافي جعل منها ممثلة قادرة على تجسيد شخصيات من بيئات متنوعة: المرأة المغربية المعاصرة، الشابة المهاجرة، المرأة الأوروبية ذات الخلفية العربية، أو شخصيات أخرى لا تنحصر في قالب واحد أو صورة نمطية. و قد امتدت مسيرة سناء العلوي على مستوى السينما والتلفزيون عبر عدة تجارب مهمة، سواء في المغرب أو في أوروبا. و من بين الأعمال البارزة في مسيرتها:

-“Face à face – وجها لوجه” للمخرج عبد القادر لقطع، حيث برزت بقدرتها على التعبير عن التوترات النفسية والإنسانية للشخصية.

-“عود الورد” (Oud Al’ward ou La Beauté éparpillée) للمخرج لحسن زينون، وهو الفيلم الذي سيشكّل محطة مفصلية لها في المهرجانات الوطنية.

-“Yasmine et les hommes – ياسمين والرجال” لعبد القادر لقطع، حيث جسّدت شخصية “ياسمين” في معالجة سينمائية لواقع المرأة والعلاقات الاجتماعية.

ايضا شاركت في أعمال أوروبية وعربية مشتركة، من بينها إنتاجات فرنسية وإسبانية، ومسلسلات تلفزيونية بفرنسا وألمانيا، وأفلام عالجت قضايا الهجرة، والاختلاف الثقافي، والهوية المركّبة. اما على مستوى التلفزيون المغربي، عرفت شعبيتها صعودًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، خاصة من خلال:

  • مسلسل “أسِّر المدفون – Assir Al Madfoun” حيث قدّمت شخصية “فردوس”، ولفتت الانتباه بأداء قوي خلال شهر رمضان 2019.
  • مسلسل “نصف قمر – Nisf Qamar” (2021) في دور “حنان”، بشخصية تجمع بين القوة والهشاشة الإنسانية.
  • مسلسل “أحلام بنات – Ahlam Banat” المعروض على MBC5، في دور “عائشة”.

و برزت مشاركتها سنة 2024 في مسلسل “بين الكصور – Bin Laksour” حيث تجسد شخصية “صباح”، ضمن عمل درامي تاريخي/اجتماعي يزاوج بين الماضي والحاضر.

و لم تمر مسيرة سناء العلوي مرور الكرام على المهرجانات السينمائية، بل توجتها عدة جوائز وتكريمات، من بينها:

  • جائزة أحسن دور نسائي (الجائزة الأولى للممثلة) بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة سنة 2007 عن دورها في فيلم “عود الورد” للمخرج لحسن زينون.
  • جائزة “الموهبة الجديدة” (Nouveau Talent) في مهرجان MedFilm بالعاصمة الإيطالية روما سنة 2009، اعترافًا بتميّز حضورها في السينما المتوسطية.

ايضا تكريمات في مهرجانات مغربية ودولية، من بينها مهرجان السينما الإفريقية بخريبكة و مهرجان السينما والهجرة بوجدة الى مهرجان مكناس الدولي لسينما الشباب، حيث لقّبها بعض النقاد بـ”الممثلة الكونية” نظرًا لانفتاح مسارها على فضاءات متعددة.

و كما سبق لها أن ترأست أو شاركت في لجان تحكيم عدد من المهرجانات السينمائية ذات البعد الأورو–عربي، من بينها مهرجان “الأمل” للأفلام الأورو–عربية في إسبانيا. و يصف كثير من النقاد أداء سناء العلوي بأنه مزيج بين القوة الداخلية والهدوء الخارجي؛ فهي لا تعتمد على المبالغة، بل على التفاصيل الدقيقة: نظرة العين، نبرة الصوت، وحضور الجسد أمام الكاميرا. حيث تختار غالبًا شخصيات ذات عمق إنساني: نساء في مواجهة واقع قاسٍ، أو في صراع مع الهوية، أو في رحلة بحث عن الحرية والذات. وتُعرف كذلك بقدرتها على الانتقال بين أدوار مختلفة: من امرأة من الطبقة الراقية إلى شخصية امرأة بسيطة، ومن دور شرطية صارمة إلى فنانة حساسة، دون أن تفقد صدقية الأداء.

فبالرغم من نجوميتها، تحافظ سناء العلوي على حضور إعلامي متوازن؛ فهي لا تفرط في الظهور، ولا تعتمد على “السكوب” أو الإثارة، بل تقدّم نفسها بالأساس كممثلة منشغلة بأسئلة الفن والهوية والمرأة في المجتمعات المتعددة. في مقابلات تلفزيونية سابقة، تحدثت عن تجربتها في أداء أدوار غير عربية في أعمال أجنبية، وكيف نجحت في تجاوز صورة “الممثلة العربية النمطية” لتجسد أدوارًا مكتوبة لشخصيات عالمية أكثر تعقيدًا.

و بعد سنوات من العيش والدراسة والعمل في فرنسا، عادت سناء العلوي للاستقرار في المغرب، وخاصة بمدينة الدار البيضاء، حيث تزاوج اليوم بين مشاركاتها في الإنتاجات الدولية وأعمالها داخل الدراما والسينما المغربية. هذا الاختيار يعكس رغبتها في المساهمة في تطوير الصناعة السينمائية الوطنية، والاستثمار في تجربتها الدولية لصالح الأعمال المحلية. و تمثل سناء العلوي اليوم نموذجًا لجيل جديد من الممثلات المغربيات اللواتي جمعن بين تكوينها الأكاديمي في التمثيل والسينما و تجربة دولية ولغات متعددة مع وعي فني بحقوق المرأة وقضايا المجتمع و قدرة على العبور بين المنصات: السينما، التلفزيون، والمهرجانات وهي بذلك تُسهم في إعادة تشكيل صورة الممثلة المغربية في المخيال العربي والدولي، بعيدًا عن الصور الجاهزة، نحو صورة فنانة حرة، واعية، ومبدعة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button