أخبارالرئيسيةالمرأةثقافة و فن

فضيلة بن موسى.. أيقونة الشاشة المغربية التي حملت مراكش إلى بيوت المغاربة

الفنانة المغربية فضيلة بن موسى، أو كما يكتب اسمها أحيانًا فضيلة بنموسى، تعتبر واحدة من أبرز الوجوه النسائية في الدراما المغربية، بما تتميز به من حضور طاغٍ وأسلوب طبيعي قريب من القلب، ولهجة مراكشية محببة جعلتها ضيفة دائمة على بيوت المغاربة منذ عقود.

وُلدت فضيلة بن موسى في 16 ماي 1959 بمدينة مراكش، المدينة التي ستطبع شخصيتها الفنية وترافقها في نبرة صوتها وروحها المرحة. اختارت مبكرًا طريق الفن، لتصبح لاحقًا ممثلة مسرحية وتلفزيونية وسينمائية، وتحفر اسمها ضمن جيل روّاد التمثيل في المغرب.

و انطلقت مسيرتها الفنية من مسرح الهواة في أواخر السبعينيات، قبل أن تعانق الاحتراف سنة 1981 من خلال انضمامها إلى فرقة “الوفاء المراكشية”، التي شكلت مدرسة حقيقية لطواقمها الفنية وللذاكرة المسرحية المغربية. كبرت فضيلة بن موسى في حي شعبي بمراكش، وسط أجواء فنية وإنسانية غنية بالحكي، والنكتة، والحكايات الشعبية، وهي عناصر ستنعكس لاحقًا في أسلوبها الكوميدي والدرامي.
بدأت التجربة مع مسرح الهواة سنة 1977، حيث تمرست على الوقوف أمام الجمهور، وعلى تقنيات الإلقاء والتجسيد المباشر.

ومع فرقة الوفاء المراكشية، شاركت في عروض مسرحية بارزة من بينها: الحراز ، طمو والذهب ، مكسور الجناح ، الزواج بالحيلة، هذه التجربة المسرحية المكثفة منحتها قاعدة صلبة، جعلت انتقالها إلى التلفزيون والسينما انتقالًا طبيعيًا وناجحًا. حيث عرفها الجمهور العريض عبر الشاشة الصغيرة، و برزت في عدد من المسلسلات والسيتكومات، خصوصًا في الأدوار الاجتماعية ذات النفَس الكوميدي الإنساني.

من بين الأعمال التي رسخت حضورها لدى المشاهد المغربي في مسلسل “أولاد الناس” (1999)، الذي كان من أوائل الأعمال التي عرّفت الجمهور على موهبتها التلفزيونية.، و “دوائر الزمان” (2000)، إلى جانب أعمال درامية واجتماعية أخرى جعلت ظهورها مألوفًا ومحببًا لدى الأسرة المغربية.

كما شاركت في برامج ومسابقات تلفزيونية كضيفة أو كعضو ضمن طواقم فنية، قبل أن تنضم مؤخرًا إلى طاقم البرنامج الشهير “لالة العروسة” – الموسم 17، في تجربة تلفزيونية أعادت تقديمها لجيل جديد من المشاهدين، ورسخت صورتها كفنانة قريبة من العائلة المغربية.

لم تتوقف مسيرة فضيلة بن موسى عند حدود التلفزيون والمسرح، بل امتدت إلى السينما المغربية، حيث شاركت في مجموعة من الأفلام التي مزجت بين الكوميديا والدراما الاجتماعية، من بينها:

البرتقالة المرة، زمان كنزة، ولد مو، المكروم، مسك الليل، كورصة، عرس الذيب، كبرو وما بغاوش يخويو الدار ، خلال هذه الأدوار، جسدت فضيلة صورة المرأة المغربية البسيطة والقوية في آن واحد؛ المرأة المكافحة التي تواجه ضغوط الحياة اليومية، في قالب واقعي يمسّ مشاعر الجمهور، ويجعله يرى نفسه أو من حوله في الشخصيات التي تقدمها بين الكوميديا والدراما حيث يصعب اتقان التوازن، و ما يميز فضيلة بن موسى هو قدرتها على الجمع بين الحس الكوميدي، حيث تملك قدرة فطرية على الإضحاك من خلال مواقف بسيطة، ولغة قريبة من المتلقي، بعيدًا عن التصنع أو المبالغة.

ثم العمق الدرامي، خاصة في الأعمال التي تتناول قضايا الأسرة، والمرأة، والصراع اليومي مع الواقع، إذ تظهر براعتها في التعبير عن الألم والصراع الداخلي، ونقل المعاناة الإنسانية بصدق، ايضا في حواراتها، تؤكد فضيلة بن موسى أنها تسعى دائمًا إلى تقديم أدوار “تحترم ذوق الجمهور وقيم المجتمع”، مع اعترافها بأن إرضاء الجمهور بالكامل أمر غير ممكن، لاختلاف الأذواق والرؤى بين الناس. و في السنوات الأخيرة، طالت الفنانة فضيلة بن موسى شائعات متكررة حول وفاتها، تناقلتها بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن تسارع مصادر إعلامية مقربة منها إلى نفيها، والتأكيد على أنها بصحة جيدة، وأن الأمر مجرد إشاعات مؤذية تمس مشاعر عائلتها ومحبيها.

في مقابلات تلفزيونية، تحدثت فضيلة بن موسى بتأثر عن تحديات التوفيق بين الحياة الأسرية والمسار الفني، مشيرة إلى أن أسرتها ظلت دائمًا سندًا معنويًا لها، وأنها، مثل كثير من النساء المغربيات، حاولت أن توازن بين دورها كأم وربة بيت من جهة، ودورها كفنانة من جهة أخرى.

وبعد مسيرة تقارب أربعة عقود من العطاء، تُعتبر فضيلة بن موسى، أحد أهم الوجوه النسائية في الفن الشعبي المغربي، خاصة في الكوميديا الاجتماعية، و رمزًا لـ حضور المرأة المراكشية في الدراما، بما تحمله من نبرة ولهجة وروح مرحة، فهي قدوة لفنانات الجيل الجديد، باعتبارها نموذجًا لفنانة انطلقت من مسرح الهواة ووصلت إلى قلوب الملايين، دون أن تفقد بساطتها أو قربها من الناس.

ففضيلة بن موسى ليست مجرد اسم في جينيريك المسلسلات والأفلام، بل ذاكرة فنية جماعية، تختزل جزءًا من حكاية الفن المغربي، ومن صورة المرأة التي قاومت بالصوت والابتسامة والدمعة، لتبقى ثابتة في ذاكرة المشاهد، مهما تعاقبت الأجيال وتغيرت الأذواق.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button