بمشاركة خبراء من إفريقيا وأوروبا.. وجدة تحتضن نقاشاً دولياً موسعاً حول “الذكاء الاصطناعي ومستقبل الصحة”

تتواصل اليوم الخميس بقاعة الندوات بكلية الطب والصيدلة بوجدة، أشغال “المؤتمر الدولي المتعدد التخصصات في علوم الصحة” (CIMSS 2025)، الذي انطلقت فعالياته يوم أمس الأربعاء، وسط حضور وازن لخبراء دوليين، وباحثين أكاديميين، لمناقشة التحديات الراهنة والمستقبلية للقطاع الصحي تحت شعار: “الصحة والمستقبل: ملتقى الخبرات والابتكارات”.

ويأتي تنظيم هذا الحدث العلمي، الذي يشرف عليه “المركز الدولي المتعدد التخصصات في علوم الصحة” (CIRMSS) بشراكة مع المعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة (ISPITS) بوجدة وكلية الطب والصيدلة، في سياق الدينامية الإصلاحية الكبرى التي تعرفها المنظومة الصحية الوطنية، تنفيذاً للتعليمات الملكية السامية.

في الجلسة الافتتاحية التي ترأسها رئيس جامعة محمد الأول، ياسين زغلول بحضور عدد من عمداء الكليات التابعة للجامعة ومدراء مختلف مؤسسة التعليم العالي،
أكد نورالدين بوترفاس، مدير المعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة بوجدة، على أن هذا الحدث يشكل “محطة مفصلية لمواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة”. وأوضح بوترفاس في كلمته أن “الذكاء الاصطناعي والرقمنة يفرضان اليوم إعادة النظر في الممارسات المهنية وطرق التكوين”، داعياً إلى استثمار هذا الفضاء لتبادل الخبرات بين الأكاديميين والمهنيين الميدانيين لرفع تحديات الموارد البشرية والحكامة الصحية.

من جانبهما أكدا الأستاذان ريان بوعزاوي، رئيس المركز الدولي ومنسق المؤتمر، والبروفيسور رضوان حموش، منسق المؤتمر أن هذا الملتقى يهدف إلى “تكسير الحواجز بين التخصصات”، مشيرين إلى أن الصحة لم تعد شأناً طبياً صرفاً، بل أصبحت تتقاطع مع القانون، الهندسة، الاقتصاد، والذكاء الاصطناعي. وأبرز المتحدثان أن المؤتمر يجمع 10 تخصصات رئيسية لصياغة حلول عملية تواكب ورش تعميم التغطية الصحية الشاملة.

وتميز اليوم الأول بتنظيم جلستين محوريتين؛ ناقشت الأولى موضوع “الصحة في مرحلة انتقالية”، حيث تطرقت المتحدثون إلى مفاهيم “طب المستقبل” والإدارة المرنة للمستشفيات. فيما انصبت الجلسة الثانية حول “الصحة المتصلة”، مستعرضة دور الذكاء الاصطناعي في التعليم الطبي واكتشاف الأدوية، مع التشديد على الأبعاد الأخلاقية لهذه التقنيات.
وتستمر الأشغال اليوم الخميس ببرنامج مكثف يلامس قضايا مجتمعية وتقنية دقيقة، حيث يخصص المحور الثالث لنقاش “الصحة، القانون والمجتمع”، بمداخلات متميزة تتناول “الطب المعماري” ، وإشكاليات التمويل الصحي في إفريقيا وتحديات العدالة المجالية.
فيما يسلط المحور الرابع الضوء على “الصحة الرقمية والابتكار الطبي”، حيث سيتم استعراض تجارب متقدمة حول “الجراحة بالروبوت في طب العظام” و”الطب النفسي الدقيق”، وسبل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في المراكز الاستشفائية الجامعية (CHU).
وعلى هامش الجلسات العامة، يشهد المؤتمر تنظيم أزيد من 12 جلسة تواصلية وورشة عمل (Sessions de communication)، تغطي مواضيع متنوعة مثل: “التغذية والرياضة”، “تدبير المخاطر الاستشفائية”، “الصحة النفسية”، و”الحماية القانونية للأطقم الطبية”.
ويكرس المؤتمر بعده الدولي من خلال مشاركة خبراء من دول شقيقة وصديقة (فرنسا، تونس، الكونغو، مالي، وساحل العاج)، مما يجعل من مدينة وجدة، على مدى يومين، منصة إفريقية لتبادل الخبرات بين دول الشمال والجنوب، ومختبراً للأفكار المبتكرة التي تروم جعل المنظومة الصحية أكثر إنسانية، ونجاعة، واستدامة.
ومن المنتظر أن تُختتم الفعاليات مساء اليوم بإصدار توصيات عملية سيتم رفعها للجهات الوصية، للمساهمة في تنزيل أوراش إصلاح المنظومة الصحية ببلادنا.



