Hot eventsأخبارأخبار سريعةعين الحدث الافريقي

حين تقتل الدقائق… الإسعاف المتأخر شريك صامت في المأساة

في المغرب، لا يموت كثير من الضحايا لأن إصاباتهم كانت قاتلة، بل لأن الإسعاف تأخر.
هذه ليست مبالغة صحفية، بل خلاصة مؤلمة لما تكشفه تقارير الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة: أرواح تُزهق في الطريق إلى المستشفى، وأخرى تضيع في قاعات الانتظار، وثالثة كان يمكن إنقاذها لو حضرت “الدقيقة” بدل “الساعة”.

الحديث عن “الساعة الذهبية” في الطب الاستعجالي لم يعد ترفاً نظرياً، بل أصبح خطاً فاصلاً بين الحياة والموت. نزيف حاد، إصابة رأس، أزمة قلبية أو سكتة دماغية… كلها حالات لا تنتظر الروتين ولا تعترف بالأعذار الإدارية. ومع ذلك، ما زال المغرب يتعامل مع الإسعاف الطارئ بعقلية قديمة، وكأنه خدمة ثانوية لا أولوية وطنية.

الأرقام صادمة، لكن الصدمة الأكبر ليست في تهالك سيارات الإسعاف، ولا في توقف نظام “SAMU” في مدن كبرى، ولا حتى في ركن سيارات إسعاف حديثة بملايين الدراهم دون استعمال…
الصدمة الحقيقية هي تطبيع هذا الفشل، وكأن موت المواطن في الطريق أصبح قدراً لا يُسأل عنه أحد.

كيف يعقل أن نتحدث عن تنظيم كأس إفريقيا والعالم، ونطمح لاستقبال ملايين الزوار، بينما منظومة الإسعاف عاجزة عن إنقاذ مواطن في حادث سير على بعد كيلومترات من مستشفى؟
كيف نُقنع العالم بصورة بلد حديث، ونحن نُدير الطوارئ الصحية بمنشور وزاري يعود إلى سنة 1956؟

الأدهى من ضعف التجهيز هو ضعف التنسيق. الوقاية المدنية، المستشفيات، الجماعات، الأمن، والقطاع الخاص… كل طرف يشتغل في جزيرته، والضحية هي الحلقة الأضعف. نداءات تضيع، سيارات تتأخر، وأطباء يصلون بعد فوات الأوان. إنها منظومة تُدار برد الفعل، لا بالفعل الاستباقي.

إنقاذ الأرواح لا يحتاج إلى خطابات، بل إلى قرار سياسي شجاع:
– نظام إسعاف وطني موحد
– مركز نداءات ذكي وفعّال
– أطر طبية مؤهلة وموزعة بعدالة
– وقانون حديث يعترف بأن الحق في الحياة يبدأ من الطريق، لا من باب المستشفى

كل دقيقة تأخير هي حكم غير معلن بالإعدام.
وكل صمت رسمي عن هذا الوضع هو مشاركة غير مباشرة في المأساة.

الإسعاف ليس سيارة… بل فلسفة دولة.
فإما أن نختار إنقاذ الإنسان في لحظته الحرجة،
أو نستمر في عدّ الضحايا بعد فوات الأوان.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button